في حيوية الحوار  التلفزيوني العربي _ العربي والعربي_والغربي
 

اعداد ومقاربة الاعلاميه جنى جمال سلوم
 

 الصراع

10

التوحيد

11

00

العزلة
01

  التعاون

 

 

قبل البدء لاباس من عرض  المبادىء الحيويه المؤسسه على  البداهة الكونية  للمصالح المشتركه

 كما فهمتها  مع زملائي في الجامعه من استاذنا الاعلامي و المربي غسان يوسف

  وسيلاحظ القارئ انها ستساعدنا  في تحديد جهة ونوع الحوار، وآليته الصحيحة من أجل النجاح في  الحوار. وهي المبادىء التي سنبيّنها ونبيّن تطبيقها في الحوارات على أرض
الواقع، بعد شرحها
.

 


  :الشكل الحيوي و الجوهر العنصري:
الشكل الحيوي:

إنّه المفهوم العام الشامل بوصفه حيث نعتبر أنّ كل شيء هو طريقة. أما بالنسبة
للإعلام فهو يعتبر مدخل إلى الحوار الصياغي. إنه الحوار لا بل طريقة إدارته بكل
أبعاد الحوار: صيرورة، نهاية، لحظات حرجة. ان السؤال والجواب في الحوار هما
محتويا الطريقة التشكل وبذلك فإن هذا المفهوم يساعدنا في فهم الجواب في الحوار
التلفزيوني ولو كان إستفزازياً. هكذا فأنه بإمكاننا التمييز بين الحوار الصح
والخطأ والسؤال الصح والخطأ إذ إن أهمية السؤال نسبية وليس هناك من سؤال خاطىء
أو جيد. من هنا السبب وراء الوجود الدائم للوثائق. في الحوار، علينا التفكير
بالطريقة الأنسب لطرح السؤال لئلا يكون خاطئاً. هذه هي "الصيغة" وعند امتلاكها
تمتلك الحوار فالموضوع بأكمله فالشكل، فالسؤال والجواب. هناك الحوار مع التلفاز
عن طريق ألة التحكم عن بعد بحيث أنها صيغة للتحكم والتلفاز صيغة إلكترونية.
لماذا نحاور؟ إنها البرمجة. إذن فالكون هو عبارة عن صيغة وحوار والتلفزيون شكل
من أشكال الحوار، فمن يدير حواراً عليه أن يصيّغ المنصة للحوار فكأنما البرنامج
هو محطة بحد ذاته. عندما نربط الشكل بالحوار، أي البشري بالإذاعي، فإننا نخلق
حواراً تجرّديّاً. أنما من اخترع التلفزيون قد درس مواداً وأشكالاً مما يعني أن
لهذه الألة شكل علينا معرفته للتعامل معه.
 

مربع المصالح

المصالح بحد ذاتها شكل، وقلب الأشكال هو قلب المفاسد إلى مصالح وذلك لأن الهدف
من الحواتر هو الخروج منه راضين. إنما كون الحوار شكلاً يعني أنه قد يؤدي إلى
مفسدة، لأن الشكل قابل للتّغيّر. مثلاً: موالاة ومعارضة. فالهدف من الحوار هنا
هو أن تظهر كل جهة أنّها هي الصحيحة أي أن الحوار هنا هو للمصلحة ولمصلحة كل
جهة على حدة لا أكثر.



المصالح أربعة أنواع:

·      

 الصراع

10

التوحيد

11

00

العزلة
01

  التعاون





مثلاً: قالت المعارضة أنها لا تريد حكومة----> مصلحة---->عزلة

      قالت المعارضة إن الموالاة إتحاد وطني----> توحيد

      الطرفان مشاركَين----> مصلحة----> تعاون



   
على كل الجهات في الحوار أو البرنامج أن تعرف مصالحها وأن يكون المُحاور حيادي
غير منحاز لأي طرفٍ كان (لعبة مصالح) كما وعلينا تمييز أربع ساعات (قكما هناك
ثلاثة أبعاد مكانية: طول، عرض، عمق - بالمتر هناك أبعاد زمانية)

هذه هي الوحدة الزمكانية: فالشكل وحدة سواء أكانت إعلامية أو دينية أو...


----------------------


تلك المبادىء الحيويه  تساعدنا  في تحديد جهة ونوع الحوار، وآليته الصحيحة من أجل النجاح في
الحوار. وهي المبادىء التي سنبيّنها ونبيّن تطبيقها في الحوارات على أرض
الواقع، بعد شرحها.


·        "بين الحوار التلفزيوني وقضم الأظافر": ضجيج إعلامي وتوقعات ودعوات
للمشاهدة لم تعد "رقاعا" بعد أن تصدت مواقع الإنترنت لها, كل هذا لأن "المثقف
والمفكر الفلاني" سيحل ضيفا على إحدى القنوات الفضائية, عندها لا تجد بدا من
تجهيز أدوات المشاهدة التي تبدأ بالشاهي ولا تنتهي بـ"قرمشة" بضع حبات الفستق,
ولكن المؤكد أنها ستنتهي بقضم أظافرك وشد شعرك, فأنت مدعو لرحلة من المطاردة
التي تنتهي بحول العينين, وربما تنسى موضوع الحوار وتسرح في تصورات رد فعل "
مريدي" وأهل بيت الضيف عندما يشاهدونه يغتصب الكلمات وربما " يجيب العيد " لكي
تخرج من طرف لسانه وكأنه لم يكتب عشرات المؤلفات, وفي ذات الوقت ينشغل بملاحقة
المذيع و"الشماغ" اللذين يقفزان ذات اليمن وذات الشمال, فالأول يريد الإجابة
على عشرات الأسئلة في بضع دقائق, والثاني لا تدعه "رعشة" ورهبة الكاميرا يستقر
في مكانه، وبين متابعة هذا وذاك تجد نفسك أمام شارة النهاية التي تسبقها
ابتسامة مذيع أجهز على ضحيته. وهنا يتساءل الكثير لماذا تحولت الحوارات الفكرية
التلفزيونية إلى جمل لا تكتمل وأفكار "مبسترة"؟ و من حوّلها إلى مانشيتات
للاستهلاك الإعلامي فقط". هذا ما قاله حسن أل عامر في جريدة الوطن إنتقاداً
لحوارات اليوم التي باتت مختلفة جداً عمّا تعلّمناه وعمّا تعوّدنا عليه، ففي
حين كان للحوار قيمته عند التركيز على الموضوع- الهدف، أصبحت حوارات اليوم أشبه
بالتجارة كما سائر البرامج الأخرى.) حسن آل عامر، الوطن)

·        "إن البرامج الحوارية لا تمثل واقع المواطن العربي ومن الضروري
التنويع في اختيار الضيوف دون تحفظ على أي محاور، مع ضرورة طرح المشاكل التي
يعيشها المواطن العربي والبحث عن الحلول الدائمة السليمة".(محمد الشريف، مدير
مالي)

·        "متى يمكن للمشاهد العربي أن يستهلك جزءاً من وقته لمشاهدة برامج
خالصة هادفة نابعة من الواقع وليست مقلدة أو موجهة؟ لا شك أن غياب الحرية
والديمقراطية في الوطن العربي لا يخلق الجو المناسب لأي حوارات هادفة. .(حسام
عطوة، مبرمج كمبيوتر)

·        الإعلامي ومقدم برنامج "مباشر" محمود سعد يؤكد من خلال مكالمة هاتفية
أجرتها معه "الوطن" أن أحدث الدراسات ذكرت أن حوالي 79% من برامج الفضائيات
(هلس) - على حد تعبيره - وهدفها التسلية، فيما لا تتجاوز البرامج الثقافية 3%
والسياسية 10 ـ 15% ولا بد من الانتباه إلى المضمون في البرامج المقدمة للمشاهد
للارتقاء بفكره في أي مجال بأن تكون غزيرة المعلومات ومتطورة وخفيفة وجيدة،
ويرى أن اعتبار البرامج الحوارية بشكل عام تشوش المشاهد العربي حكم قاس إذ هناك
برامج عالية المستوى وأخرى ضعيفة تقدم معلومات خاطئة خاصة ذات المضمون السياسي
أو الديني".

·         ويعتبر سعد أنّ" الفتاوى الخاطئة في البرامج الدينية أخطر من العري
لأنها ترسخ في ذهن المشاهد العادي الذي يستقي المعلومات الدينية من العلماء،
لذلك يطالب بهيئة تصرّح للشيوخ بالظهور في الفضائيات وتحدد الصالح للدعوة منهم
فتجيزه".

·        "أما المغالطات في البرامج الحوارية السياسية فهي شيء طبيعي لكن
المشاهد العربي يمتلك من الذكاء ما يؤهله لمعرفة السياسي الصادق من الكاذب،
ويؤكد أن الفضائيات يفترض أن تمتلك قدرا كبيرا من الحرية لخدمة القضايا
المطروحة لا المصالح الشخصية لأصحابها، أما القنوات الأرضية فتحجب عنها الحرية
مع أن الإعلام اليوم أصبح في الهواء الطلق ولم يعد تحت سيطرة أحد، لذلك على
المسؤولين إتاحة المزيد من الحرية، ففي غضون 5 سنوات سيتسنى لأي شخص إنشاء محطة
تلفزيونية من منزله".

·        كما يرى أنّ البرامج الحوارية العربية مستنسخة من برامج أجنبية مؤكداً
أنها أقدم شكل إعلامي وليست حديثة العهد، ويرى أن برنامج "أوبرا" مكرر لكنه
يعتمد على قدرة المحاورة وجرأتها في طرح الأسئلة لتحصل على معلومات من الضيف لم
يصرح بها كما ساعد تعاون الضيوف وصراحتهم على جعل البرنامج ناجحا ومتميزا، وهذا
يعني أن نجاح البرنامج الحواري يعتمد بشكل أساسي على المقدم ومدى مهارته في طرح
القضايا العامة والابتعاد عن الشخصية، كذلك يتوقف على مدى قبول المشاهدين
للمحاور.

·        كما يشير إلى أن ظهور شخصيات ذات فكر منحرف في بعض البرامج الحوارية
وارد في كل العالم وليس له علاقة بالمحاور، والضيف الكاذب يرتد كلامه عليه، أما
هيمنة النزعة التحريضية على البرامج السياسية فهي ظاهرة فردية مثالها برنامج
"فيصل القاسم".

·        من جهته يؤكد منتج ومقدم برنامجي "بلا حدود" و"شاهد على العصر" بقناة
الجزيرة الفضائية أحمد منصور على أن علم وتكتيك التليفزيون في جميع أنحاء
العالم قائم على الحوارات من السياسة إلى السياحة إلى الطب إلى كل شيء، والمقدم
الجيد يترك بصمة في أدائه من خلال شخصيته وأسلوبه، ولا يمكن تعميم أن الحوارات
تشوش المشاهد لأن لكل برنامج سياسته وأهدافه وطريقته لإدارة الحوار فيه ونوعية
ضيوف، ونحن أمام تجربة جديدة لم يمض عليها عقد من الزمان، ولاشك أن أشكال
وأفكار البرامج تتبلور لكن المشاهد هو الذي يقرر ما الذي يشاهده، وتعكس البرامج
الحوارية السياسية في هذه المرحلة المخاض في المجتمعات العربية، ولا يوجد شيء
دون خطوط حمراء لكن هناك فرقا بين خطوط بعيدة وخطوط فوق الرأس، كما لا يوجد شيء
اسمه حرية مطلقة.

·        ويصف منصور فكرة أن التلفزيون وسيلة تسلية بالمثيرة للجدل لأنه وسيلة
معرفة أو تعلم، ومسؤولية المغالطات في البرامج الحوارية تقع على جميع الأطراف
لأن الحقيقة لا يحتكرها أحد، كما أن المشاهد اليوم أصبح لديه وعي كامل وبإمكانه
أن يحدد ما يشاهد، واستخدامه للـ"ريموت كنترول" في اختيار البرامج ومقدميها
أكبر ممارسة ديمقراطية دون أن يستطيع أحد تضليله أو إجباره على ما لا يريد، وهو
سيد الموقف والحكم بعد أن انتهى عهد القناة الواحدة ودخلنا عصر الفضائيات.
وبرأيه البرامج مرآة عاكسة للمجتمع وثقافته من الرقي إلى الحضيض والذين يظهرون
فيها يعكسون شرائح المجتمع بكل أفكاره واتجاهاته وآرائه، والمجتمع يفرز كل شيء
فيذهب الزبد ويبقى ما ينفع الناس.

·        ويرى مقدم برنامج "حوار من الداخل" بقناة عين الفضائية كمال عبد
القادر أن ما تعانيه البرامج الحوارية هو عربنة الحوار التلفزيوني التي تؤدي
إلى ضعفه وسطحيته، فلا يصح مثلا أن يكون الضيف في برنامج حواري حول قضية داخلية
في السعودية من جنسية أخرى لأن الحوار سيفتقد الدقة والمعلومة الصحيحة، ولابد
من أقلمة خاصة في البرامج الحوارية التي تطرح موضوعات حساسة وداخلية لأننا
اليوم في عصر التخصص وكلما كان مقدم البرنامج قريبا من الموضوع المطروح كان
هناك اقتراب من المشاهد. ويشدد على أن الحرية لم تكن موجودة في البرامج
الحوارية من قبل إلا أن الأحداث المتلاحقة من حولنا دفعتنا إلى عرض العديد من
الموضوعات على المشاهد بمنتهى الشفافية، مذكرا بأن الحرية لا تعطى ولكنها تنتزع
وأن الخطوط الحمراء بداخلنا فقط ولا أساس لها، والمسألة ليست في الحرية بل في
كيفية استخدامها حيث يمكننا أن نتناقش ونتحاور في جميع الأمور دون استثناء لكن
بأسلوب لائق، فحرية الطرح تعتمد بشكل أساسي على مهنية المحاور، وإذا دققنا في
العديد من البرامج الحوارية نجد بعضها أساء استخدام الحرية فأساء لجمهور
المشاهدين باستخدام أسلوب وألفاظ غير لائقة وحتى سبّ أو تجريح شخصية بعينها.
ويؤيد عبد القادر ما يقال حول تقليد البرامج الحوارية الأجنبية ما جعلها برامج
مستنسخة لأن الإعلام العربي بشكل عام يفتقر إلى الطرح الجديد بسبب قلة الكوادر
الإعلامية وعدم تمتعها بالخبرة الكافية، إضافة إلى أن المؤسسات الإعلامية
العربية يقوم عليها أو يديرها تجار ليس لديهم رسالة إعلامية يطرحونها على
المشاهد، وبالتالي هي مؤسسات تجارية تقدم خدمة إعلامية وما يعنيها هو الربح فقط
بغض النظر عن المضمون وما يقدم للمشاهد.

·        بنظره، إنّ القاعدة الصحيحة عالميا تكمن في تقديم البرنامج للمشاهد
ومدى نجاحه يستقطب المعلنين ويحدد مستوى الربح، أما في الإعلام العربي فالأمور
معكوسة إذ يبحث المنتجون عن معلنين في البرنامج قبل عرضه على المشاهدين وهذه
إساءة للمضمون الإعلامي لأي برنامج، كما أن تنوير المشاهد بالحقائق والخلفيات
التاريخية للموضوع المطروح جزء من دور البرنامج ويرتبط بقدرة المقدم وطريقة
أدائه، لهذا يفضل أن تكون البرامج الحوارية مباشرة على الهواء لاستقبال مداخلات
الجماهير حتى يكون الحوار ذا اتجاهين، فلا يصح أن يكون المشاهد متلقيا فقط بل
يجب تفعيل دوره وطرح رأيه واستفساراته لإنجاح البرنامج وتوسيع قاعدته
الجماهيرية.

·        ويحدد عبد القادر رأيه قائلا: "إننا نواجه اليوم طفرة هائلة في بث
البرامج الحوارية وطفرة هائلة في (الوجوه) أي الضيوف الذين لعبت البرامج
الحوارية دورا كبيرا في إبرازهم كمفكرين وباحثين ومتخصصين، لذلك من الضروري أن
يكون هذا الدور إيجابيا ليساعد على إظهار فكر جديد لم يطرح من قبل من خلال
شخصيات جديدة بالنسبة للمشاهد لكنها معروفة في الحقل الثقافي، وهكذا نكون قد
قدمنا معلومة وشخصية جديدتين، وفي المقابل قد تساعد هذه البرامج على اكتشاف
سطحية بعض الشخصيات التي اشتهرت على أنها ذات أفكار متعمقة، وبالتالي فإن
الحوار الجاد يساعد على إظهار الحقيقة والمشاهد هو الحكم".

      محمود سعد
     كمال عبد القادر
-------------------------------




جدة: صفاء الشريف



فتحت مجلة روزاليوسف المصرية ملف الفضائية القطرية "الجزيرة" فى مقال كتبه رئيس
مجلس ادارة المجلة " محمد عبد المنعم"، اتهم فيه الجزيرة بسرقة برامج من
المحطات الأمريكية، لكنه بالمقابل انتقد أجهزة الاعلام العربية التى تركت
الساحة للجزيرة كى تستأثر على المشاهد العربى من خلال برامج سياسية وحوارية
جديدة عليه.



عنوان المقال: "جزيرة العربية وعملية استنساخ قناة تلفزيونية" بقلم محمد عبد
المنعم (بتصرّف)

بين الجزيرة وال CNN:

·        دون التفاف على الواقع، فإن هناك حالياً على مستوى العالم العربى كله
قناة تلفزيونية فضائية هى قناة الجزيرة، أثارت منذ بداية عملها اهتماما كبيراً
لدى المشاهدين والمسؤولين على حد سواء.



·        بغض النظر عن موجات النقد أو الاعجاب أو حتى الهجوم العنيف على هذه
القناة الجديدة، والذى وصل إلى حد إغلاق مكاتبها أو برامجها فى عديد من الدول
العربية، فإن الأمر المؤكد ان هذه القناة تتبع منذ نشأتها سياسة إعلامية خاصة
ومدروسة دراسة جيدة فنياً وعلمياً، وهى فى ذلك تختلف بلا أدنى شك عن كافة
السياسات الاعلامية المتبعة بالمنطقة العربية كلها.



·        الجزيرة تكشف عن فهم كبير وواع لمقوّمات مخاطبة الجماهير، والقدرة على
التأثير عليهم لتشكيل - وإعادة تشكيل - الرأي العام العربى إزاء قضايا مصيرية
على درجة بالغة من الأهمية، لا تجد تغطية أو اهتماما من دول كثيرة بالمنطقة،
وبذلك تنفرد وتتفرد قناة الجزيرة على مستوى العالم العربى بسبب أخذها بالأساليب
العلمية من جانب، ومن جانب آخر بسبب الغياب الإعلامي العربي عن قضاياه المصيرية
وعما يهتم به المشاهد فى كل مكان. مثلا:ً في الوقت الذى كانت فيه قناة الجزيرة
تنقل على الهواء مباشرة عمليات الهجوم الجوي الأمريكي على العراق، وكذا أثناء
الهجوم الصاروخي على أفغانستان، وكذا أثناء مراحل الهجوم على كوسوفو والمواقع
الصربية والأهداف الحيوية فى يوغسلافيا.. أثناء هذه الأحداث المهمة التى لابد
أن يهتم بها المشاهد فى أي مكان، جرت عملية رصد لبث القنوات الفضائية العربية
المختلفة وتأكد انها جميعا تبث - دون استثناء - برامج ترفيهية وتمثيليات -
لانناقش هنا مدى تفاهتها - ومسابقات منحلة كما لو كان العالم العربى هو كوكب
آخر يعيش فى غير الزمان وفى غير المكان !!



·        من هنا فإن القوة الزائفة التى تتمتع بها هذه القناة تنبع أساساً من
الغيبوبة الإعلامية العربية وغيابها عن المنافسة الجادة والتي لو تواجدت لكان
من الممكن أن تكون هذه القناة الجديدة قطرة مجهولة فى محيط شاسع وهادر يعج
بالحياة.



·        تستمر عمليات البث على مدار أربع وعشرين ساعة من خلال القمر الصناعى
هوت بيرد (Hot Bird) فيغطي إرسالها دول افريقيا وأوروبا وآسيا إلى جانب المنطقة
العربية، ومن ثم فهي تصل بسهولة إلى العرب المقيمين فى معظم دول هذه القارات
الثلاث، وتقدم القناة نشراتها وبرامجها الإخبارية نقلاً عن وكالات الأنباء
العالمية وتقارير مكاتب ومراسلي القناة فى معظم الدول المهمة.



·        تعتمد "الجزيرة" في إرسالها إعتماداً كبيراً على مكتبة فيديو ضخمة من
هيئة الاذاعة البريطانية الـ B.B. C ، كذلك تقوم كوادر فنية متخصصة من هذه
الهيئة البريطانية بعمليات التخطيط والادارة السياسية والاعلامية الدعائية
للقناة، كما تتعاون القناة مع شبكة C.N.N الإخبارية الأمريكية لإستخدام أحدث
التكنولوجيا الخاصة بالإخراج (500 مليون ريال يتم تسديدها على خمس سنوات، ومن
المخطط أن تعتمد القناة على نفسها بعد هذه الفترة وبعد هذا الإغداق المالي).



·        من هنا نجد التشابه الواضح بين قناة الجزيرة وشبكة C.N.N فى مجال
تغطية الأخبار وفى مجال برامج الحوار، فنجد أن تغطيتها للعملية العسكرية
الأمريكية تمت على غرار ما قام به المراسل الأمريكى الشهير بيتر آرنت خلال حرب
الخليج، بينما تعتبر برامجها الرئيسية نسخة طبق الأصل لبرامج C.N.N الأمريكية
ويأتي فى مقدمة ذلك برنامج Cross Fire الذي يقدمه المعلق الأمريكى الشهير لاري
كينج لشبكة C.N.N بينما يظهر نفس البرنامج فى قناة الجزيرة باسم "الاتجاه
المعاكس" ويقدمه الدكتور فيصل القاسم وهو سوري الأصل، عمل معيدا فى جامعة دمشق
ثم انتقل الى بريطانيا حيث عمل هناك لمدة ثماني سنوات فى القسم العربي لهيئة
الإذاعة البريطانية، ثم عمل لمدة سنتين فى تلفزيون B.B.C العربي، وهناك غموض
الآن حول موقفه بسبب عدم ظهوره على الشاشة لبضعة أسابيع.



·        أما البرنامج الأساسي الثاني الذي تقدّمه قناة الجزيرة فهو يحمل إسم
"الرأي والرأي الآخر" الذى يقدمه شاكر حامد وهو نسخة مقلدة من برنامج (كلا
الوجهين) الذى يقدمه الأمريكي جيسى جاكسون لشبكة C.N.N ، والبرنامج الثالث
الأساسي فى قناة الجزيرة يحمل اسم "حصاد الأسبوع" والذى يعتبر نسخة طبق الأصل
لبرنامج لارى كينج المعروف باسم "نهاية الأسبوع".



·        وإن كانت الـ C.N.N تلتزم التزاماً كاملاً بالموضوعية التى هي أساس
مهنة الإعلام، وإن كانت الـ B.B.C تلتزم بالواقع الموثق وتكتسب شهرة عالمية فى
مجال المسلسلات الوثائقية، فإن قناة الجزيرة أخذت هاتين الخاصتين كواجهة تلتف
حولها لتبث من خلالها إرسالاً خاصاً يرمي بالدرجة الأولى إلى التقليل من شأن
الدول العربية الكبرى وفى مقدمتها مصر والسعودية، وإن كانت صفة الإستمرارية
تتركز حول مصر بشكل خاص، وذلك انطلاقاً من مفهوم غريب يقوم على أساس أن الدول
العربية الكبيرة قد هرمت وشاخت وان هناك دولا عربية فتية - مثل قطر طبعاً -
يمكنها أن تتحمل أعباء الريادة!!



·        تركز القناة القطرية بشكل محموم على أي تناقض على سطح الحياة فى
المجتمع المصري، وتعمل على تعميق هذا التناقض والمبالغة فى تصويره للمشاهدين،
وقد عملت على ذلك بشكل محموم بالنسبة لقضية السلام بين مصر وإسرائيل، وبالنسبة
لمشكلة الارهاب، والجماعات الاسلامية فى بريطانيا، والصراع العربي الإسرائيلي
والقضية الفلسطينية، والعلاقة بين السياسة والعسكرية المصرية فى جميع مراحل
الصراع العربي الإسرائيلي، وقضية حزب الله ودور هذا الحزب فى الصراع، وقضية
التطبيع، وقضية بن لادن وزملائه وما إذا كانوا ثواراً أو إرهابيين.

------------------------------------------------------------------

2-       برنامج الإتجاه المعاكس:


عندما كان عبد الله كمال، زميل من روز اليوسف، ضيفاً في برنامج "الإتجاه
المعاكس"، فطن إلى أسلوب مقدم البرنامج فيصل القاسم من حيث المناورة والهجوم
على الضيف "الضحية" عندما تبدو عليه مظاهر الضعف والخوف فما كان من كمال -
بذكاء حرفي عال - إلا أن بادر بالهجوم على البرنامج ومقدمه الذي وصفه بأنه
منحاز، وغير موضوعي... وهنا ولأول مرة فى تاريخ البرنامج شعر فيصل القاسم
بالحرج والإرتباك وذاق لأول مرة مرارة التعرض للهجوم العلني على الهواء مباشرة
والذي ظل يمارسه منذ بداية نشأة هذه القناة العربية المستنسخة !!

إذا ما حاولنا أن نحلّل ها المقال نجد أنّ هناك نزعة كبيرة يريد الكاتب أن
يعبّر عنها، لا بل هي أكثر من ذلك، إنّه تهجّم واضح ومباشر من كاتب عربي إلى
قناة عربيّة زمقدّمين عرب. هنا وجب السؤال: أوليس في هذا المقال الذي يتناول
موضوع الإنحياز، إنحيازاً آخر؟ إنّما كـطالبة إعلام لا يحق لي الحكم إنّما
التحليل فحسب. لذا فإنّي أستنتج أنّ المُحاور دائماً في خانة الإتّهام، ولكل
كلمة يقولها صدى يفهمه كلّ كما يريد. كما يقال "غلطة الشاطر بألف" إنّما غلطة
المُحاور أغلى بكثير حيث يصبح الإعلامي موضع سخرية أو هجوم ممّا قد يعرّض حياته
المهنيّة للخطر. على كل إعلامي مُحاور أن يتّبع مبدأ الشكل بعيداً عن العنصريّة
كلّ البعد.

لا يكتفِ الكاتب في تهجّمه على فيصل  القاسم حيث يمكننا أن نعتبر هذا المقال
بمثابة محاسبة، فيتابع:


"وعلى عكس هذا السلوك الهجومي، كان الأداء مختلفاً فى الحلقة الأخيرة التي
استضافت رجل الأعمال المصري نجيب سايروس، وعلى الطرف الآخر كان هناك رجل
الأعمال المتأسلم أشرف السعد، وفي هذه الحلقة التي حاولت بالدرجة الأولى -
وللمرة الأولى فى التاريخ - مزج الأديان بالنشاط الإقتصادي والتجاري، كما لو
كان لا يكفينا مصائب مزج الدين بالسياسة ... في هذه الحلقة تسلح ساويرس بهدوء
الأعصاب ووصل إلى حد البرود فكان أن كسب الجولة وفرض نفسه على الجمهور الذي كان
يتابع الحلقة، على عكس أشرف السعد الذى كان مترددا ومرتبكاً وغير مقنع خاصة إذا
وضعنا فى الاعتبار تاريخا طويلا والتلاعب سقط من جرائه طابور طويل من الضحايا".

في هذه الحلقة:

حاول البرنامج أن يصوّر رجال الأعمال على أنهم ظاهرة فى مصر. وكان الجانب
الآخر من الحلقة هو محاولة التركيز على ديانة (البزنس) سعياً لاثارة أحقاد
طائفية على غرار ما حدث أخيراً فى ماليزيا حيث جرى الحديث عن دور الأقلية
الصينية فى العمل الإقتصادي.  كان هذا هو هدف البرنامج برأي كاتب المقال أيضاً
برأي كاتب المقال وهو هدف بُنِي من قبل على مجموعة هائلة من الشائعات
والمنشورات والوثائق المزيفة.. فى نفس الإتجاه الطائفي.


تتم المحاسبة الكبرى عندما تتوالى الإتهامات لهذا البرنامج وهذه الحلقة بالذات
منها:

1.       الإفراط فى أحاديث خاصة عن (ترف) رجال الأعمال فى مصر.. وتكبير هذه
المظاهر... وتجاهل ما يقوم به رجال الأعمال من مهام عديدة وتأليب الطبقات: على
الحوار إذن ألا يركّز على موضوعٍ دون آخر.

2.     ترويج أرقام بلا مصادر أو توثيق ... مثل 40% من المصريين تحت خط الفقر،
دون حتى أن نحدد معنى خط الفقر: الوثائق الدقيقة في الحوار ضروريّة لا بل هي
الوقود للحوار حيث لا يمكن لأحد مغالطتك كـمُحاور.

3.     تجاهل آلية الإقتراض فى العملية الإستثمارية الرأسمالية، وتجاهل كذلك أن
جرائم الإئتمان معروفة فى العالم كله: تجاهل بعض المعلومات المعنية بموضوع
الحوار ينمّ عن العنصرية والجوهر.

4.      الإفراط فى ترويج حكايات عن ظهور مفاجىء لرجل أعمال هنا أو هناك دون
معرفة تاريخية سابقة، ودون مناقشة حجم العمل الإقتصادي مقارنة بهذا الظهور:
الوضوح ثم الوضوح في الحوار لأن عدد المشاهدين كبير ولكلٍ تحليله الخاص للحوار.

5.      مسألة إستغلال أسباب التنافس بين رجال الأعمال فى ترويج معلومات خاطئة
وهى عملية تضر بالوضع الإقتصادي برمته .. لأن هناك من يلتقطها من الخارج ليمارس
بها دورا أو لعبة: هذا أيضاً ينمّ عن العنصريّة والإنحياز.


       يرى كاتب المقال أيضاً أنّ B.B.C القناة تحدد مسبقاً "الطرف الضحية" عن
طريق إختيار شخصية المتحدث... فمثلا إذا كان الموضوع يتعلق بكامب ديفيد
واختاروا الدكتور مصطفى خليل - وهو رجل راق ومهذب - اختاروا له على الطرف الآخر
"كادر" من الكوادر المدربة على التهجم والصراخ والردح والبذاءات، وبذلك يكون
الدكتور مصطفى هو الطرف "الضحية" فى البرنامج، وأسوأ من هذا وهو ما لايعرفه ولم
يسمع عنه خبراء الـ C.N.N وكوادر الـ B.B.C ومجلة تايم الأمريكية التي أشادت
بهذه القناة ووصفتها بأنها أفضل قناة فى العالم العربي، إن ما يسمونه
بالمداخلات - أي المكالمات التلفونية من المشاهدين - هي فى معظمها مكالمات
مرتبة يقومون بطلب أصحابها قبل البرنامج ويبقونهم على الخط الذي يصبح مشغولا
طوال الوقت ويدفعون بهم فى الوقت المناسب ليلقوا علينا بآرائهم المعروفة جيداً
من قبل معدي البرنامج، فيتصور المشاهد المسكين - والضحية بدوره - أنه أمام رأي
عام قوي ومخالف ومن ثم يلجأ إلى الصمت والتقوقع داخل عقله وفكره الذي يختلف
اختلافا بيناً مع ما يجري أمام عينيه، وتسمعه أذناه.. وهذا هو مكمن الخطر، وهذا
هو ما حذر منه خبراء الإعلام مراراً وتكراراً عندما اشترطوا الموضوعية وعدم
الانحياز من جانب العاملين فى مجال الصحافة والإعلام، وهذا فى الوقت ذاته هو
جوهر ميثاق الشرف لمهنة الصحافة والاعلام، و"الجواز" و "الترخيص" الذي يسمح
لحامله بمخاطبة الجماهير ومزاولة واحدة من أشرف المهن.



3-إحصائيات:

·                                تعد البرامج الحوارية من أهم عناصر الإعلام
العربي وأكثر البرامج إثارة للجدل، لقدرتها على خلق رؤى جديدة تتفاعل مع ما هو
سائد في المجتمع وتحدث رفضاً وقبولاً بين صفوف المشاهدين، كما تشكل ضغطاً على
المشاهد العربي الذي أصبح ككرة مضرب أمام شاشات التلفزة، وقد كشف استطلاع للرأي
أجرته "الوطن" أن:

1.     البرامج ذات المضمون الديني تحظى بأعلى نسبة مشاهدة بين البرامج
الحوارية بنسبة 76.92% من المتابعين.

2.      تليها البرامج ذات المضمون السياسي بنسبة  61.53%.

3.     ثم البرامج الاقتصادية بنسبة 23.07%.

4.     بينما لا يتابع البرامج الثقافية سوى  26.92%.

5.     أما نسبة متابعي البرامج الفنية والاجتماعية فتبلغ 23.07% .

6.     ورأى حوالي61% من العينة أن البرامج الحوارية لا تعبر عن الحرية
الفكرية.

7.      كما أشار حوالي 53% إلى أنها ساعدت بشكل كبير على تسطيح المشاهد العربي
فيما نفى 26% ذلك، واعتبر 69% أنها أتاحت الفرصة للعديد من الشخصيات ذات
الأفكار المنقولة وغير المتعمقة أن تقتحم البيوت والعقول العربية.

8.      ورفض 42% مقولة إن البرامج الحوارية في الفضائيات العربية تخدم القضايا
العربية واعتبروها تزيد الأمور سوءا، وأكد 38% ضرورة تسلح المشاهد بالعلم
والخلفية التاريخية عن الموضوع المطروح، ورأى 65% أن برامج الفضائيات العربية
مقلدة وأن الإعلام العربي مازال يفتقر إلى طرح إعلامي جديد ومبتك.

9.      وألمح حوالي 49% إلى أن البرامج الحوارية تفتقر إلى المحاور الجيد، كما
أشار 38% إلى هيمنة النزعة الشعاراتية عليها.

10.       تصل نسبة الإرسال في الجزيرة 64.22% من ساعات الارسال فى مقابل
17.85% للبرامج وحلقات النقاش الثقافية، و 8% للبرامج الفنية والترفيهية منها
3.2% فقط للبرامج الدينية، بينما تشغل البرامج الوثائقية 7.44% من حجم الارسال.

11.      77% من مشاهي البرامج الحوارية يفضلونها دينية.

12.      79% من برامج الفضائيات هلس والفتاوى الخاطئة في البرامج الدينية أخطر
من العري.



4-من أرض الواقع:

يشير محمد عبد الله (موظف) إلى أن البرامج الحوارية لابد أن تمتلك الجرأة
الكافية لاستضافة مختلف أطياف المجتمع السياسية والإقتصادية والإجتماعية مع
الإبتعاد عن تسليط الضوء على أشخاص ذوي أهداف غير واضحة، مع الإلتزام
بالمصداقية والشفافية من قبل المحاور والضيف والتركيز على فكرة محددة. ولكي
نتعرّف أكثر على ماهية الحوار التلفزيوني وطبيعته على أرض الواقع، فلنستطلع على
تجربة الإعلامي أحمد منصور، مقدم برنامج "بلا حدود" و "شهادة على العصر" لعلّنا
نجد ما يفيدنا حول موضوع "الحوار التلفزيوني":

استضاف منبر الصحافة الدوري الأستاذ الاعلامي احمد منصور مقدم برنامجي "بلا
حدود" و"شاهد على العصر" اللذان تقدمهما قناة الجزيرة، في حوار مفتوح حول
تجربته الصحافية والتلفزيونية
وتطرق الحوار للعديد من المحاور المهمة المتعلقة بتجربة الإعلام العربي، في ظل
الإشكالات التي تحيط بالأنظمة العربية، ومسألة الحريات والديمقراطية إضافة إلى
النموذج الإعلامي الذي قدمته قناة الجزيرة في تغطيتها للأحداث العالمية
والعربية وتناولها للقضايا الحساسة والمسكوت عنها..


    -----------------

 5- أحمد منصور


جدة: صفاء الشريف



·        فاعتبر منصور أن نجاح أي عمل إعلامي لابد أن تتوفر له عدة عناصر
رئيسية تتمثل في سقف الحرية والمهنية والنهوض بالكوادر الإعلامية من خلال
التدريب والمعرفة...



·        يقول: "أصبحت قناة الجزيرة من القنوات المتفردة عالمياً، ولكن هناك
عدم رضاء عنها وهذه الحالة تعود لعدة اسباب، أولها ان العالم العربي لم يتعود
على قدر عالٍ من الحرية، ومن المهنية في الاداء في كل وسائل الإعلام وبالأخص
المرئية، ربما كان هناك بعض المجال للصحافة المكتوبة المعارضة في بعض الدول
وليس كلها... ولكن لم يكن هناك تعود على تلفزيون مرئي يظهر الرأي الآخر مطلقاً،
فكل التلفزيونات المرئية تتحدث عن الملك، أو الرئيس وطموحاته ولا يسمع الصوت
الآخر، وبالتالي كل الشخصيات التي كانت مغمورة وصوتها غير مسموع أصبحت تسمع
وتشاهد على شاشة الجزيرة وهذا بدوره رفع سقف الحرية في أجهزة الإعلام الرسمية
في معظم الدول العربية...": هذا يبيّن لنا أهمية الحوار كونها هي الدليل الأول
لإعلامٍ حرّ، مما يجعله والقناة عرضةً للإنتقادات.



·        يتابع: "إن الديمقراطية عملية إنتقائية حتى لدى الولايات المتحدة
الأمريكية، فمجرد أن تأتي بشكل من أشكال الديمقراطية والحرية تواجَه بالتضييق،
والإنتقادات، والنقد العالي، والهجوم، والمقاطعة": من جديد، الحوار يعني
ديمقراطية أو بكلام لآخر، "الرأي والرأي الآخر"، وهنا نلحظ أيضاً ما يُعرَف
بـ"إزدواجية المعايير".



·        الأمر الأخير يتعلق بالأنظمة العربية، فهي تعتبرك إن لم تكن معها فأنت
ضدها أو عليها، فإذا لم تمتدح النظام، والحاكم، والمسؤولين بشكل دائم فأنت
عليهم، إذن قناة الجزيرة عليهم، لماذا؟ لأنها لا تنتهج نهج المديح، وتؤثر الخبر
العالمي الذي تبدأ به نشراتها، والقضايا الدولية التي تبدأ بها، وتتيح الفرصة
للرأي والرأي الآخر وبالتالي وجد هؤلاء الناس أن الامر يظهر شيئاً لا يريدونه
فاعتبروا القناة تعمل ضدهم. وأقول إن قناة الجزيرة تعمل من أجل المشاهد العربي،
ومن أجل الحقيقة، أما بشأن الأنظمة فهذه مشاكلها وتبقى لها، وفي النهاية
المشاهد العربي هو الذي التف حول الجزيرة، وأصبح المسؤول مضطراً لأن يضع
الجزيرة طوال اليوم في مكتبه أو منزله لمتابعة الأحداث التي لا تنقلها له وسيلة
إعلامه، وتلفزيونه": هنا نفهم أنّ العنصرية ليست مشكلة ليست فقط لدى المُحاوِر
أنّما أيضاً لدى المُشاهِد. لذا علينا أن نكون موضوعيّين في مشاهدتنا وتحليلنا
للحوار كما المُحاوِر في حواره، فلا نحكم كما نريد عللى البرنامج والقناة.



·        "العمل التلفزيوني به فوارق كبيرة جداً بينه والعمل الصحفي ودائماً ما
أقول أن الكلمة المكتوبة هي الأبقى.. العمل التلفزيوني يعتمد على الصورة،
والصورة في تصوري هي التسطيح للفكرة.. الفكرة إن لم تكن عميقة، تُعمَّق
بالكتابة، التلفزيون تسطيح.. وما فعلته في العمل التلفزيوني هو أن حاولت المزج
بين عمق الكلمة المكتوبة، وسطحية الصورة المشاهدة من خلال عملية الإعداد الجيد
واختيار الضيف واختيار الموضوع بشكل جيد، ومن خلال دراسة الموضوع، وأن حاولت أن
أقدم للمشاهد في النهاية مادة أشبه بقراءة كتاب صغير، أو مقالاً معمقاً من خلال
مشاهدته للبرامج": الحوارات أكثر البرامج التي تُشاهد على الشاشة ومن المفروض
ان تكون سهلة لا سطحية. أحمد منصور صحفي قبل أن يكون مًحاوِراً مما يجعله ينتقد
التلفزيون، إذ إنّ هذا الإنتقاد يعبّر عن خوف من الخطأ لأنه كـصحفي يدرك أهمية
كل كلمة يقولها الإعلامي.



·        "التلفزيون تسلية، وهناك فرق في أن تحول التسلية غير النافعة إلى
تسلية نافعة، وهذا ما نحاول فعله للمشاهد من خلال العمل التلفزيوني": الحوارات
ليست للتسلية إنما للإفادة فقط.



·        "إختيار الضيوف أمر شاق، ويحتاج للكثير من القراءة والإطلاع، وبعض
الضيوف يرهقوننا جداً حتى تتم الموافقة باستضافتهم في البرنامج، مثلاً أحمد بن
ملا ظللت أتفاوض معه لمدة ثلاث سنوات حتى يقول شهادته على العصر، وكذا حسين
الشافعي، وجيهان السادات، ومنذ عامين وأنا اطلب حواراً مع الرئيس البشير إلى أن
جاء الوقت لإجراء المقابلة": الحوار يعني، وكما قلنا من قبل، وسيلة للتفاهم بين
شخصين أو أكثر. من هنا أهمية إختيار الضيوف إنما يُفضَّل الإبتعاد عن إختيار
"متهجّم" وضحية" ممّا ينم عن عنصرية.



·        "الأمر في مجمله يحتاج لمشقة ومجهود لكن التخطيط والتنسيق، والعلاقات
الشخصية تلعب أدواراً متفاوتة في إنجاز العمل وفي النهاية توفيق المولى سبحانه
وتعالى أولاً وأخيراً": لنجاح الحوار التلفزيوني، يأتي التخطيط أولاً كما في كل
عملٍ هادف وله غاية مهمّة.





وعندما سئل عن تحامل جيهان السادات على جمال عبد الناصر في إحدى حلقاته أجاب:



"أولاً جيهان السادات لم تكن ضد جمال عبد الناصر على الإطلاق، بالعكس كانت
تتكلم عنه بإيجابية، وبنوع من العلاقة العائلية الجيدة، واعترفت في الحلقة بأن
جمال عبد الناصر بعد 1968م تحديداً كان تقريباً يتناول وجبة العشاء بشكل يومي
في منزل السادات، وكانت جيهان هي التي تطبخ له، وتعد له هذه الاشياء.. وعلاقة
عائلة السادات توثقت مع جمال عبد الناصر بعد وفاة عبد الحكيم عامر بعد انتحاره،
وبعد أن كان عبد الحكيم هو الشخص المقرب من السادات، وكّل أعضاء مجلس قيادة
الثورة على أعتاب 1968م وكان آخرهم زكريا محي الدين أقيلوا، وبقي رجلان فقط
بجوار جمال عبد الناصر هما السادات وحسين الشافعي.. لكن كان السادات هو الأقرب
لعبد الناصر حتى من الناحية العائلية...": هذا الدفاع من قِبل أحمد منصور ربما
يدلّ على الموضوعية حيث أنه لم يحكم على الضيف بالإنحياز، بل قدّم ما يدلّ على
الموضوعية في الحوار واستشهد بما قالته ضيثته في الحلقة حيث أن المُحاوِر يعلم
جيداً أهميّة الوثائق في الحوار وهو كان ضيفاً بدروره.



·        يتمتع أحمد منصور ببرودة أعصاب وهذا جليّ في برامجه وفي السؤال حوا ما
إذا كان هذا بمثابة فخ ينصبه لضيوفه يقول:" من المؤكد أن الشخصية تلعب دوراً
رئيسياً، وعندما أخذنا بعض الدورات على أيدي بعض المتخصّصين البريطانييّن في
التقديم التلفزيوني ركزوا على أهمية الشخصية بشكل أساسي، مشيرين إلى أن السلطة
وقوة الشخصية، والحضور، والتركيز كلها اشياء مهمة في نجاح المقدم التلفزيوني...
لكن هناك عنصر دائماً ما يتحدثون عنه لا يمكن وصفه أو تحديده إسمه العنصر
الغائب، الذي يمكن أن يلعب دوراً في قوة شخصية الإنسان أو بروزه بشكل ما..
ويضربون الأمثلة بشخصيات لا يمكن نسيانها برغم أن الآلاف منها أدوا نفس
الأدوار، مثلاً في تاريخ السينما لا ينسى أحد مارلين مونورو بالرغم من أدوار
الكثيرات في السينما. ولن ينسى أحد محمد علي كلاي، أو بيليه، أو لاري كينج في
مجال الحوار التلفزيوني.. ولعل المتابع للعمل التلفزيوني يلحظ أن هناك أكثر من
ثلاثمائة محطة فضائية عربية، في مجموعها القليل من مقدمي البرامج التلفزيونية
الذين يمكن أن تحفظ أسماءهم أو تتابع برامجهم، وهذا يبين أن عنصر الشخصية يلعب
دور رئيسي في بروز المقدم، ونجاح عمله، وإقناع الآخرين بالمشاركة معه..."



·        ولعلّ الأبرز في ما قاله أحمد منصور هو إستهتار الغرب بالإعلام
العربي، وكأنما المًحاورين النجحين لا وجود لهم في العالم العربي. فمثلاً عندما
أجرى منصور حواراً مع وزير الخارجية الفرنسي للقناة، جاء الرجل للحوار مستهتراً
بمن يحاوره، فأثناء الحوار الذي كان قاسياً، اعتذر لأحمد عن صيغة السؤال وعن
بعض الأسئلة، لكن بعد الحلقة قدم اعتذاره له قائلاً أنّه لم يتخيل أن هناك صحفي
عربي يمكنه أن يجري معه حواراً قاسياً بهذا الشكل.. وأشار إلى أنه أتى ولم يكن
مستعداً للحوار، فسأله عن اكتسابه لهذه الامكانيات، وأكد له بأن هذا الحوار لا
يقل عن الحوارات العالمية التي أجريت معه من قبل، فقال له أحمد منصور أنه
"لدينا معايير عالمية نتعامل بها وليس القضية قضية صحفي عربي أو غيره.. فمن هذا
الموقف يتضح أن الشخصية الغربية غير قادرة على الاستيعاب بإمكانات الإعلامي
العربي.. وطالما أصبحت لديك المعايير العالمية التي تستطيع أن تحققها لصالح
المُشاهد تستطيع أن تقوم بها": إذن فلا يهم من أين أتيت بإمكانياتك أو بكونك
عربياً أو غير عربي، إنما المًحاوِر يحقّق النجاح في حواراته ويتعدّى حتى مهارة
الإعلاميّين العالميّين عند اتّباعه كل المبادىء الضرورية في برنامجه وخير
دليلٍ على ذلك ما حدث بين أحمد منصور وضيفه الفرنسي. نستنتج أيضاً أن الأهم في
الحوار لابا ما يقود الحوار الناجح هو شخصية الإعلامي القاسي والهادىء، الذكي
والواعي لموضوعيّته في موضوع الحوار.

·        الإدارة أيضاً مهمّة كونها هي "التي تسمح لك بممارسة المهنية والحرية
وبإبراز شخصيتك" وإطلاق العنان لها فهذا هو مفتاح النجاح.



·        وحول التلفزيون الرسمي يقول: "العمل في التلفزيونات الرّسمية كله
قيود.. وحينما تعطي أسئلتك للمسؤول ليراجعها قبل الحوار فأنت فاشل، ولن تقدم
برنامج ذو قيمة، ولن يحترم المسؤول، أو تحصل على إجابات من المفترض أن تحصل
عليها بالنسبة للمشاهد.. ومعظم أسئلتي أستشفها من إجابة الضيف، ولا أعطي
أسئلتي، وأكتب عناصر رئيسية أريد أن أسألها.. وبالتالي لابد أن أدرس الموضوع
تماماً مثل المحامي الذي يدرس القضية بشكل جيد.. وتبقى في النهاية شخصية
المقدم، وسلطته على البرنامج والضيف.. وهي موهبة لا يستطيع أحد أن يصنعها في
الاعلام": في ما يختصّ القيود في العمل التلفزيوني فإنّي اقول أنّها لا تقتصر
على التلفزيون الرسمي، ذلك أنّ الديمقراطية والحرية في الحوار محكومةٌ أيضاً في
حوارات التلفزيون الخاص، وكما قال لي أحد مراسلي تلفزيونٍ لبنانيٍّ خاص: "هناك
تلك الدائرة التيي عليك أن تدوري فيها دون أن تعبري حدودها؛ أنا مراسل منذ 15
سنة، ولا أذكر يوماً أنّي كتبت أو قلت ما أريده كما أتمنى، هناك دائماً
التعديلات التي تناسب المسؤولين": إذن فالمُحاوِر الناجح وبرأيي، مناضِل بكلّ
معنى الكلمة لما يواجهه من ضغوطات من الإدارة والمسؤولين والضيوف والسياسة،
ولما عليه إتّباعه من مبادىء وأسس.

------------------------------------------------

في التلفزيون الإسرائيلي:

الجدير بالذكر أن بوتين، كما جرت العادة قبل زيارة أي رئيس لدولة، كان ضيف
التلفزيون الإسرائيلي في لقاء مطول، شمل كل شيء إلا الوقفة عند دور روسيا
راعياً رئيسياً للعملية السلمية، أي دون الإشارة إلى روسيا كدولة كبرى. لذلك
فلا بدّ أنّ التعليق على هذا الحوار وتفاصيله قد يساعدنا أكثر في التغلغل في
أهمية الحوار التلفزيوني وجمالياته.

·        تركزت الأسئلة على البحث في موضوعين، الأول: السياسة الخارجية
الروسية، وأثرها على الوضع في المنطقة، وتحديداً على العلاقات
الروسية -الإسرائيلية، والثاني: السياسة الروسية الداخلية. ففي سياق الحديث عن
علاقات روسيا بدول المنطقة، توقفت الصحافية التي أدارت الحوار، عند ملف التعاون
الروسي -الإيراني في مجال الطاقة النووية. ولم يكن سؤالها خالياً من لهجة
العتاب في إشارة إلى أن هذا التعاون يشكل تهديداً لأمن الدولة العبرية. الأمر
نفسه بالنسبة لملف العلاقات الروسية -السورية، إذ أشار بوتين في إجابته على هذا
السؤال إلى ضرورة أن تمارس سورية حقها في حماية نفسها، وأكد أن صفقة الصواريخ
بين البلدين، محصورة بذلك النوع الذي يجعل الأجواء السورية أكثر أماناً من
طلعات الطيران الإسرائيلي، وأشار إلى أن الخروق الإسرائيلية للأجواء السورية،
ليست لمصلحة أحد وخصوصاً إسرائيل، في حال وُجدت الرغبة فعلياً لتحقيق السلام في
المنطقة، مشككاً في النوايا الحقيقية لإسرائيل: نلاحظ هنا أنّ المُحاوِرة
الإسرائيلبية تحاول استفزاز ضيفها كونه يساهم في إعطاء سوريا حقها لحماية نفسها
من الطيران الإسرائيلي، وكأن إسرائيل لها الحق والتبريرات الحقيقية لتهجماتها
على سوريا. إنها المسيطِرة على الحوار وتحاول تجييره كما تريد لصالح الدولة
العِبرية.



·        ولعل النقطة الوحيدة التي أثارتها المذيعة حول موقف روسيا من العملية
السلمية، هي سؤال غير مباشر حول موقف بوتين من توسيع الاستيطان، للمقارنة بينه
وبين موقف بوش من هذا الأمر فأشار بوتين إلى أنه يتفق مع بوش في هذه النقطة، أي
أنه ضد توسيع الاستيطان: هنا تظهر محاولة المذيعة إلى المقارنة لكي تضع ضيفها
في حالة ضعف(عنصرية)



·         بعد ذلك عاد الحوار ليأخذ شكله السابق، فيتركز على قضايا مثل ما
يوجهه بعض الغربيين من اتهامات لبوتين بخصوص حربه ضد الأليكارخي (رجال النفوذ
غير الحكومي). وهنا لا بد من الإشارة إلى أن إسرائيل منحت الحصانة من التسليم
للأمن الروسي، لعدد كبير من رجال الأعمال الذين تطالب بهم العدالة الروسية بتهم
لا يمكن وصفها بالمفبركة، وإنما هي تهم مدعمة بالوثائق. ولو لم يكن الأمر كذلك
لما اضطر إلى الفرار من العدالة رجال النفوذ هؤلاء الذين يملكون مكاتب قانونية
لتأمين حمايتهم من أي اتهام مهما كان، ويملك أفقرهم مليارات من الدولارات.
تأكيد بوتين في لقائه التلفزيوني أن هؤلاء مجرمون يجب محاسبتهم، سبّب الانزعاج
لشارون، الذي رد عبر صحيفة يديعوت أحرنوت قائلاً: "لا أنوي تسليم أو ترحيل أحد.
منذ شبابي المبكر كنت ضد ترحيل اليهود. وأصرح بهذا بكل صراحة ووضوح". بهذه
اللهجة التي لا تخلو من التحدي وضع شارون النقاط على الحروف في ملف يُتوقع أن
يفتحه بوتين أثناء المباحثات الثنائية ويطالب بتسليم كل المطلوبين للعدالة
الروسية، الموجودين تحت حماية القانون الإسرائيلي "لا يجوز تسليم أي يهودي
مطلوب، للدولة التي تطالب به": الحوار التلفزيوني ليس حواراً عادياً كالحوارات
التي تجري بين الأصدقاء، وليست لعبة أو تسلية، إنما هي تتحكم بمواقف واحداث
مهمّة. فقد شكل الحوار التلفزيوني مع الرئيس بوتين مثلاً مقدمة لجولته في
المنطقة، وتحجيماً لطبيعة القضايا التي ستشملها مباحثاته مع الجانب الإسرائيلي.





7-التأثير السلبي للحوارات التلفزيونية على اللغة:



لقد مررنا على كل ما هو مفيد في الحوارات التلفزيونية وتأثيرها الإيجابي على
الإعلام فيصبح حرّاً ديمقراطياً. إنما هناك بعض المسلوىء التي تسبّبها هذه
البرامج الحوارية، في العالم العربي. إن الحوارات اليوم تهدد اللغة الفصحى من
جهة (الإعلام) وذلك عبر:

1.      إستخدام العامية: فالفصحى هي اللغة العربية الأساسية التي يفهما كل
عربي على عكس اللهجات الخاصة بكلّ بلد.

2.      شيوع اللحن، وكثرة الأخطاء في النحو والصرف والمفردات والأساليب التي
تنتشر بين كثير من رجال الإعلام، وإن كان بعضهم يتحرى الصواب فيما يكتب، وهو ما
ينبغي أن نسدده وننبه عليه باستمرار، حتى يتلافاه الكاتبون والمتحدثون في أجهزة
الإعلام المؤثرة أشد التأثير في ثقافة الجماهير العلمية والدينية والأدبية
واللغوية: "لا يشك دارس في أن الإعلام إذا تبنى الفصحى، فإنه يخدمها خدمة لا
يستطيع جهاز آخر أو مؤسسة أخرى أن تنافسه فيها، لقوة تأثير الإعلام في الجمهور،
وسعة دائرته. فإذا كانت المدرسة لها تأثيرها الكبير على التلاميذ، فإن الإعلام
هو مدرسة الجماهير، ومعلِّم الكبار".

3.      الاستخدام الأوسع للعامية إنما هو في الإعلام المسموع (الإذاعة) أو
الإعلام المرئي (التلفاز)، أي أكثرها في الحوارات، إذن فالخطأ ممنوع.





نظم منتدى الحوار والثقافة والتنمية اللبناني، مؤتمر عن "الإعلام العربي وتغطية
النزاعات"  وضم عددا من الإعلاميين العرب من أكثر من بلد ومؤسسة إعلامية..
تناقشنا طوال يومي عمل مغلقين في قضايا كثيرة: التحيز في الإعلام، ومشكلة
المصطلحات، وحرية التغطية الإعلامية، وجاهزية المراسل العربي... وكان مفيدا أن
يطالع المرء طوال يومين كاملين كم المفارقات والعجائب والأخطاء والانتهاكات
التي يرتكبها الإعلاميين العرب، ومعظمها لا يجد طريقه للنشر؛ لأنها تخص "حراس
البوابات" و شعارهم واحد: ألا ينشر الإعلاميون العرب غسيلهم القذر... وهذا
الشعار جزءٌ من حالة عامة يعيشها الإعلاميون تجعلهم يرون القذى في أعين الغير
ولايرون الخشبة في عيونهم.(حسام تمام، 21/02/2005)




8-قناة المنار اللبنانية:



·        إنّ  قناة المنار تبدو مدخلا مناسباً لفهم إشكاليات كثيرة تتعلق
بالموقف الغربي من وسائل الإعلام العربية، خاصة بعدما منع القضاء الفرنسي بث
القناة في فرنسا، وتبعتها الولايات المتحدة التي تمهد لملاحقة القناة قضائياً،
وهو ما يرتبط بسياق أوسع يتعلق بالتشديد الغربي على رفض ما اعتبرته عداء
للسامية يزرعه ويحرض عليه الإعلام العربي إلى حد صدور قانون أمريكي لتعقب
معاداة السامية عالميا، بدا وكأنه موجه بشكل مباشر إلى العالم العربي ووسائل
إعلامه.



·        ما صدر في العالم العربي من ردود فعل استنكارية على هذا المنع بدا
وكأنه يطرح سؤالا بات ملحا ويتردد باستمرار: لماذا يرفضنا العالم الغربي وهو
الذي يطلب منا قبوله؟ ولماذا يمنعنا وهو الذي لا يمل من دعوتنا لرفع كل القيود
وفتح أبوابنا أمامه على مصاريعها؟ ومنطق السؤال يفيد بأننا نهتم برأي العالم
الغربي ونطلب منه الاهتمام بنا، بل والدفاع عن حقنا في الوصول بصوتنا إليه، وهو
ما يعني أننا ندرك أننا ومصالحنا مرتبطون بهذا العالم، وأن من المهم وصولنا له،
حتى إننا نحاكمه وفق منطقه هو ووفق ما أعلنه وطالب به: الحرية ورفع القيود.
فلماذا لا نسمح لأنفسنا بالتعرف على هذا العالم ومنطقه؟


      قناة المنار



9-شجاعة النقد الذاتي:



الإعلام العربي بحاجة إلى رصد أخطائه ومراجعاتها مرتين، الأولى من منطلق
أخلاقي: إذ لا يجوز السكوت على ما يحدث من انتهاكات وأخطاء لا لشيء إلا لتفريغ
شحنة الغضب والشعور بالفشل والهزيمة. والمرة الثانية من منطلق سياسي، يفرضه
علينا ضرورة الوعي بأن العالم يعيش اللحظة الغربية وأن الكلام لم يعد من دون
جمرك كما كان فقد انفتحت علينا الدنيا وانفتحنا عليها، وصار هناك من يعد علينا
سكناتنا وحركاتنا، ويفرض على الكلام جمارك وضرائب تصاعدية وعقوبات.



في ظل السياسات الحالية للإعلام العربي وفي ظل انفتاح العالم يُتوقع تنامي نشاط
المنظمات التي ترصد وتلاحق المعادين للسامية، بل وستنتقل معاركها إلى قلب
العالم العربي نفسه وسيتكرر كثيراً نجاح هذه المنظمات في غلق مركز زايد
للدراسات بالإمارات بجريمة العداء للسامية؛ إذ يكفي أن تتفرغ واحدة من هذه
المنظمات لما تنشره الصحف وتبثه القنوات المختلفة لتأكل عليه وتشرب مدة لا بأس
بها قبل أن نفيق.



10-العولمة و حوار الحضارات



الغرب والعالم العربي الإسلامي صدام أم حوار؟ (الحبيب الجنماني)

تعد مسألة "صدام الحضارات" أو حوارها من أبرز المسائل المطروحة اليوم على
النخبة الفكرية والسياسية في المجتمعين: الغربي, والعربي الإسلامي بالدرجة
الأولى. ولا غرابة في ذلك فهي لم تبرز بحدّة غداة الفاجعة التي عاشتها مدينتا
نيويورك, وواشنطن يوم الحادي عشر من سبتمبر الماضي فحسب, بل نتيجة التحولات
الكبرى التي مرّ بها العالم بعد سقوط جدار برلين عام 1989, ثم انهيار الاتحاد
السوفياتي, ومحاولة الولايات المتحدة الأمريكية أن تفرض نظاماً عالمياً جديداً,
وتزامن ذلك مع محاولة الليبرالية الجديدة المتطرفة استغلال ظاهرة تاريخية
إيجابية لم يعرفها تطوّر المجتمعات البشرية من قبل, هي ظاهرة العولمة لفرض
إيديولوجيتها, ومقاومة قوى المجتمع المدني في الغرب نفسه المنددة بالجوانب
السلبية للظاهرة نتيجة ذلك الاستغلال, ومحاولة الانفراد بزعامتها, وقد ظهرت
منظمات وطنية ودولية غربية رسالتها الأساسية كشف أساليب الليبرالية الجديدة
لاستغلال العولمة على حساب الفئات الاجتماعية الضعيفة, وعلى حساب شعوب الجنوب
بصفة أخص.


ولكن قبل الحديث عن حوار الحضارات يجب إبراز النقاط التالية:


أولاً - لقد ولد العنف في تاريخ المجتمعات البشرية, ولايزال, عنفاً مضاداً, ولا
يصدر العنف دائماً عن الأفراد والجماعات, بل ويصدر في كثير من الحالات عن
السلطة الحاكمة نفسها.


ثانياً - نتيجة لتطور وسائل الإتصال والتقنيات الحديثة, تحوّل العنف بشتى
أشكاله إلى إرهاب منظم ذي طابع محلي وطني, أو إلى إرهاب دولي. ولابد من الإشارة
في هذا الصدد إلى المسؤولية الكبيرة الملقاة على كاهل أصحاب المصالح الرأسمالية
في الغرب, ويقصد بهم تجار السلاح أولاً, وكذلك الدول, في صب الزيت على نار
العنف والإسهام في خلق تربة خصبة أنبتت الإرهاب في كثير من البلدان النامية,
وفي مقدمتها البلدان العربية والإسلامية.


ثالثاً - إنّ أخطر أنواع الإرهاب هو إرهاب الدول, والنماذج المرعبة لإرهاب
الدولة هي نماذج غربية أوربية في التاريخ المعاصر مثل إرهاب الدولة الستالينية,
وقتل الملايين وتهجير شعوب بأسرها, كما كشفت عن ذلك أخيرا الوثائق الرسمية
للاتحاد السوفييتي, وتمثل النازية بأوربا في الأمس, والصهيونية في فلسطين
اليوم, قمة إرهاب الدولة.



رابعاً - لابد من التمييز الواضح بين المقاومة الوطنية المشروعة ضد المحتل
الأجنبي, وبين الإرهاب, ذلك أن احتلال أراضي الغير بالقوة يمثل قمة إرهاب
الدولة. وإن من أبرز أنواع الخلط المقصود والمخطط له هو استغلال أحداث 11
سبتمبر 2001 لتصنيف بعض حركات المقاومة الوطنية ضمن المنظمات الإرهابية.



خامساً - ولابد أن نؤكد في هذا الصدد أن مقاومة النظم الاستبدادية التي تسخّر
أجهزة الدولة لقمع المواطنين وإرهابهم, هي مقاومة وطنية مشروعة يجب دعمها
دولياً. تطالب الولايات المنحدة الأميركية بضرورة العودة إلى التجربة
الديمقراطية البرلمانية, فأصبح هذا الجنرال الطفل المدلل يتهافت قادة الدول
الغربية على خطب ودّه لأنه وضع بلاده تحت خدمة المصالح الغربية. تلك هي مشكلة
أيديولوجيا الليبرالية الجديدة: المصالح قبل الشرعية الدولية, وقبل قيم الغرب
نفسه, وقبل حقوق الشعوب, ولا غرابة في ذلك فهي البنت الشرعية للرأسمالية
الاستعمارية بالأمس.

سادساً - وينبغي علينا ألا نخلط, ونحن نتحدث عن الحوار الحضاري, بين وجه الغرب
القبيح هذا وبين وجه الآخر المشرق, وجه التقدم ووجه الذود عن حرية الشعوب وحقوق
الإنسان. إن ممثلي هذا الوجه هم الذين نددوا بالإرهاب ولكنهم في الوقت نفسه
ندّدوا باستغلال ظاهرة الإرهاب لفرض الهيمنة الأمريكية على العالم وقتل
الأبرياء. الحوار ضروري ولا بديل عنه لأن البديل الذي يطرحه الغلاة من الجانبين
يعني الدخول في صراع حضاري وديني وعرقي يؤدي في نهاية المطاف إلى الفوضى, وإلى
مزيد من البلقنة والضعف والتخلف في المنطقة العربية.



إن مقولة "صراع الحضارات" مقولة أمريكية مؤدلجة وبدعة من بدع الفكر الصهيوني
الشوفيني, ذلك أن دخول الغرب في صراع مع الإسلام والحضارة العربية الإسلامية,
إنما يقدم خدمة كبرى لسياسة إسرائيل ولأطماعها التوسعية في المنطقة, أما
المقولة السليمة التي يجب أن تطرحها وتدافع عنها كل قوى السلام والتقدم في جميع
بلدان العالم فهي مقولة "حوار الحضارات", ذلك أن الحضارات بطبيعتها متفتحة
ومتأثرة ومؤثرة, ولم يعرف التاريخ حضارة منغلقة فالإنغلاق معاد لطبيعة الحضارة.


11-لا بديل عن الحوار:



السؤال الجوهري والمحوري الذي يطرح نفسه في الساحة العربية, بادئ ذي بدء, هو:
كيف نحاور! وحول ماذا؟ ومع من؟ لقد كثر الحديث بعد أحداث سبتمبر الماضي عن
"الحوار", ولقد عقدت الندوات العربية حول الموضوع, وأصبحت النخبة المثقفة
العربية تتساءل: هل سيثمر الحوار حقاً, وسيسمعه "الآخر" إذا ما قدم بأسلوب
الخطاب الرسمي العربي, ومن يسبح باسمه آثناء الليل, وأطراف النهار من "مثقفي"
السلطة؟ وهل يمكن الحوار مع "الآخر" أصلاً إذا كان الحوار في جل الأقطار
العربية مكبوتا ومقموعا؟ وقديما قيل: فاقد الشيء لا يعطيه.



لنبدأ بالحوار بيننا, ولنتعوّد عليه في عقر دارنا, وأهم أنواع الحوار هو الحوار
بين الماسكين بزمام السلطة وبين قوى المجتمع المدني, فالإنسان لا يستطيع أن
يحاور الآخر حوار الند للند, وهو مرفوع الرأس إلا إذا كان قادراً على الحوار
بكل حرية ودون خوف في بلده, ينبغي أن يقوم الحوار في الداخل حول قضايا مصيرية
كبرى في مقدمتها مواطنون لا رعايا.



ومهما قويت العراقيل ضد الحوار, وحاولت قوى الردة والرداءة استغلاله فلابد لقوى
التقدم والحرية والسلام في المجتمعين: الغربي والعربي الإسلامي معاً من الذود
عن الحوار وقيمه, والتصدي لأعدائها هنا وهناك.



إنّ رفض الحوار يعني بالنسبة للعالم العربي الإسلامي المزيد من التهميش
والبلقنة, واشتعال نار الفتن العرقية, والمذهبية, والطائفية, فليس من الصدفة -
إذن - أن تجنّد الصهيونية اليوم كل قواها, وبخاصة في المجال الإعلامي لإقناع
الشعوب الغربية بأن العرب والمسلمين منغلقون, ومتطرفون, ويرفضون لغة الحوار مع
الشعوب الأخرى، مستغلة في ذلك أعمال العنف التي تقوم بها جماعات متطرفة هنا
وهناك. ليس من الصدفة أن يركز الإعلام الصهيوني على إبراز نظرية "صدام
الحضارات", وهي نظرية شوفينية تلتقي مع جوهر الإيديولوجية الصهيونية التي تؤمن
بأن الحضارة الوحيدة المتفوقة التي عرفها تاريخ المجتمع البشري هي الحضارة
اليهودية التي بناها "شعب الله المختار" زاعمة أن الحضارة الغربية المسيحية هي
البنت الشرعية للحضارة اليهودية.


12- في سبيل حوار حضاري:



برزت دعوة جديدة في مطلع الستينيات نادى أنصارها بالحوار بين الأديان, وخصوصاً
بين الديانتين الأكثر انتشاراً: الإسلام والمسيحية, وجاء ذلك غداة انعقاد الجمع
الفاتيكاني الثاني, ولكن أصيبت الخطوات الأولى بالعرج والتعثر.

إن الحوار الذي يخدم التفاهم بين الشعوب والاعتراف بالآخر سياسياً وثقافياً لا
يمكن أن يكون إلا حواراً حضارياً يتخذ من المقاربة التاريخية الثقافية منهجاً
ونبراساً.
إن الحوار بين الإسلام والمسيحية, وهو الذي يشغل بالنا هنا, لا يمكن أن يثمر,
ويتحوّل إلى ظاهرة فكرية وحضارية تشد إليها أنظار فئات اجتماعية متنوعة في
المجتمعين إلا إذا توافرت الشروط الأساسية التالية:


أولاً - أن تقوم جميع الأطراف, وبكل موضوعية وجرأة بعملية نقد ذاتي, وأن تعترف
بأخطاء الماضي, وأن تعمل بالخصوص على تصحيح الصورة المشوّهة التي روّجتها عن
الآخر.


ثانيا - فصل الحوار عن السياسة, وإضفاء صبغة حضارية ثقافية محضة عليه, فقد
أثبتت تجارب متعددة أن استغلال السياسة للحوار بين الأديان يسيء إلى الحوار,
ويعرقله, لاشك أن لهذا النوع من الحوار جانباً سياسياً لكن المهم ألا تستعمله
سلطة سياسية قائمة لفائدتها اليوم, إنه من المعروف أن السياسة استعملت الدين في
كل العصور, وفي جميع المجتمعات, كما أن الدين قد استفاد من السياسة, ولكنه قد
آن الأوان لأن نفصل الدين عن السياسة: هذه دعوة إلى العلمنية التي ينادي بها
عون اليوم في لبنان: فصل الدين عن الدولة فلا يتدخل بذلك رجال الدين بالسياسة
ولا يتحكّمون بها ولكن أيضاً لا لتحكّم السياسة بالحوار.



إنّ  الحديث عن العولمة الثقافية يجر حتماً إلى إثارة إشكالية الجدل بين
الكونية والخصوصية, وهنا تتباين الآراء, وتسيطر على هذا الجدل في المستوى
العربي للأيديولوجية, أو البقية الباقية منها, وتتحول الخصوصية إلى قميص عثمان،
المدافعون عن الخصوصية يمثلون تيارين مختلفين سياسياً وأيديولوجياً، تيار
الوطنية الضيقة وتضخيم الذات، والتغني بهوية الماضي, وإن تحولت اليوم إلى
فولكلور رديء وممجوج, وتيار تراثوي ماضوي, ورغم اختلاف التيارين أيديولوجياً,
فإن أنصارهما يصبّون الزيت على نار واحدة, نار الشوفينية والأصولية, وهو منطق
معاد للحوار.
السؤال المحوري الذي ينبغي أن يطرح في هذا الصدد هو: هل العولمة الثقافية هي
مرحلة تاريخية تنصهر فيها الثقافات المحلية والوطنية في ثقافة كونية تفيد من
الجوانب المضيئة في قيم تلك الثقافات وتعمل على نشرها, والتعريف بها عبر
وسائلها المؤثرة, أم هي "غزو" واختراق يجب التصدي له بكل الوسائل، وإن بلغ
الأمر حد العنف, كما تؤمن بذلك جميع النزعات الأصولية سواء كانت ذات طابع وطني،
أو قومي شوفيني, أو ذات طابع عرقي أو ديني؟ إننا لا ننكر أن للعولمة الثقافية
جوانب سلبية بالنسبة لثقافات الشعوب المتخلفة اقتصادياً وتقنياً, ولكن مقاومة
هذه الجوانب السلبية يجب أن تتم ضمن معركة داخلية تخوضها شعوب الأطراف, وبينها
الشعوب العربية ضد الظلم والاستبداد والرداءة السياسية والثقافية, ومن أجل
الحريات العامة, والديمقراطية والإبداع, فكيف تستطيع أن تسهم في عملية التثاقف
العالمي, وتعبّر عن خصوصيتها الحضارية ضمن صيرورة العولمة الثقافية إذا كانت
تئن تحت نير الاستبداد السياسي, وما يفرزه بالضرورة من رداءة ثقافية؟ المعركة
الحقيقية التي ينبغي أن تسخر لها جهودها النخب السياسية والفكرية, وجميع قوى
المجتمع المدني هي معركة داخلية من أجل الديمقراطية, ومواجهة اغتصاب السلطة في
كثير من الأقطار العربية لحقوق المواطن, أما التصدي لـ"الإغتصاب الثقافي"
بالشعارات الجوفاء, فهي معارك وهمية خاسرة تلهي الشعوب عن معركتها الحقيقية
وتزيد في تهميشها, وتبعدها عن منطق الحوار من أجل السلام والتقدم.( مجلة
العربي، 1-7-2002)
 

 

حافظ الجمالي محمود استانبولي محمد الراشد جلال فاروق الشريف جودت سعيد روجيه غارودي
بيير تييه رنيه شيرر اوليفييه كاريه مفيد ابو مراد عادل العوا وهيب الغانم
اتصل بنا من نحن جميع الحقوق محفوظة لمدرسة دمشق المنطق الحيوي 1967 - 2004