البابا للمسلمين: علينا العمل معاً لمكافحة الارهاب حتى لا يغرق العالم في ظلام بربرية جديدة
(وص ف، أب، رويترز) 21/8/2005
في اليوم الثالث لزيارته لكولونيا للمشاركة في يوم الشبيبة العالمي، وجه البابا بينيديكتوس الـ16 أكثر من رسالة إلى المسلمين، إذ دعاهم والمسيحيين إلى رفض "الضغينة وعدم تقبل الآخر"، وحض المسلمين على مكافحة الارهاب فعلاً وعدم الاكتفاء بإدانته، مشيراً إلى أهمية دور الواعظين ورجال الدين، محذراً من إغراق الإرهاب العالم في "ظلام بربرية جديدة"، ومقراً بأن العلاقات بين المسيحية والإسلام شهدت توتراً وأن مسيحيين "قتلوا باسم الرب"، لكنه رفض التحدث عن صدام بين الحضارات. وأمام نحو 700 ألف شاب، شدد البابا مساء على ان "الله وحده هو منبع الثورة الحقيقية والتغيير الحاسم في العالم" وأن "ثمة اموراً كثيرة يمكن انتقادها في الكنيسة".
والتقى البابا صباحاً المستشار الألماني غيرهارد شرودر ومنافسته على منصب المستشارية زعمية حزب الاتحاد المسيحي الديموقراطي انجيلا ميركل في الانتخابات العامة المقررة في 18 أيلول. وميركل، هي ابنة قس بروتستانتي، وشرودر ينتمي كذلك إلى الطائفة البروتستانتية التي تشكل نحو ثلث الألمان.
مع المسلمين
واستقبل بينيدكتوس الـ16 لاحقاً وفداً من 20 مسلماً، بينهم ثلاث نساء اثنتان منهن محجبتان، وذلك في مقر اقامته في ابرشية كولونيا التي أغلقت الطرق المؤدية اليها بكتل من الاسمنت.
وقال البابا ان "قيماً أخلاقية جوهرية" تجمع بين الإسلام والمسيحية. وأضاف: "انا واثق من أني أعكس أفكاركم الخاصة حين أقول ان بعضاً من مخاوفنا هي انتشار الإرهاب. النشاط الارهابي يتكرر حدوثه باستمرار في أجزاء مختلفة من العالم، ينشر الموت والدمار، ويغرق العديد من اخوتنا واخواتنا في الحزن واليأس". وكرر ان "هذه الحقبة الصعبة من تاريخنا تشهد انتشار الظاهرة الارهابية". وأكد ان الارهاب "بكل صوره هو قرار منحرف ووحشي يعكس ازدراء للحق المقدس في الحياة ويقوض الأسس الحقيقية للمجتمع الانساني بكامله".
وفي أقوى لغة يستخدمها في هذا الموضوع منذ انتخابه حبراً أعظم في نيسان، رأى ان مخططي الهجمات الإرهابية ومنفذيها "يتمنون تسميم علاقاتنا، ويستخدمون كل الوسائل، بما فيها الدين، لمعارضة كل محاولة لنبني معاً حياة يسودها السلام والعدل والسكينة".
ولم يتطرق البابا إلى هجمات محددة أو يشر إلى العمليات الانتحارية. وكان لافتاً اختياره جمهوراً مسلماً ليتحدث أمامه عن الإرهاب، مع حرصه على عدم الربط بين الإرهاب والإسلام، رافضاً فكرة "صدام الحضارات". لكنه حذر من ان العالم سيكون عرضة "لظلام بربرية جديدة" إذا لم تعمل الأديان معاً لمكافحة الارهاب. وشدد على ضرورة عمل الزعماء الدينيين المسلمين على "قيادة المؤمنين المسلمين وتدريبهم على الايمان الاسلامي"، ذلك ان "التعليم والوعظ هما الوسيلة التي تنقل عبرها الأفكار والاقتناعات. الكلمات شديدة التأثير في تعليم العقل". وخاطب الحاضرين بأن أمامهم "مسؤولية كبيرة في تكوين الجيل الناشئ". وتمنى على كل رجال الدين الا يكتفوا بإدانة الارهاب، بل ان يعملوا على استئصال مشاعر "الحقد" و"رفض الاخر" و"العنف".
وأعلن البابا أن مسؤولية مكافحة الارهاب لا تقتصر على المسلمين، فأضاف: "اذا استطعنا معاً ان ننجح في انتزاع أي أثر للضغينة من قلوبنا ومقاومة اي شكل للتعصب ومعارضة كل مظاهر العنف، سنصد موجة التطرف الوحشي الذي يهدد أرواح أناس كثيرين ويعرقل التقدم نحو السلام العالمي". وأقر بأن "مسيحيين أيضا قتَلوا باسم الرب"، في اشارة الى الحروب الصليبية، داعياً المسيحيين والمسلمين إلى التعلم من صراعاتهم السابقة. وتساءل: "كم من صفحات التاريخ التي تسجل معارك كان فيها الجانبان يرفعان اسم الله، وكأن القتال وقتل العدو يمكن أن يكون مبعثاً لسروره". واعتبر ان "استحضار ذكرى هذه الأحداث الحزينة يجب أن يملأنا بالخجل لاننا نعرف جيدا الفظائع التي ارتكبت باسم الدين".
ودعا أتباع جميع الأديان الى "الدفاع عن حرية المعتقد الديني"، ذلك ان "احترام الاقليات مؤشر لا جدال فيه لحضارة حقيقية"، في ما بدا إشارة إلى أوضاع المسيحيين في البلدان الإسلامية وكذلك إلى الاقليات الاسلامية في اوروبا.
وكان رئيس إقليم رينانيا-شمال وستفاليا يورغن روتغرز نقل عن البابا انه يؤيد نشر التعاليم الاسلامية في المدارس.
ترحيب
ورحب ممثل المجلس المركزي لمسلمي ألمانيا نديم الياس بكلمة البابا في مؤتمر صحافي، معتبراً ان الاجتماع "لم يكن مجرد لقاء مجاملة"، ذلك ان بينيدكتوس الـ16 أعطى "إشارة واضحة" ليتمتع المسيحيون والمسلمون "بمزيد من الشجاعة والثقة المتبادلة" في حوارهم، وبان يقوموا بـ"اعمال مشتركة" لمكافحة الارهاب.
وأضاف ان المسلمين يريدون ان يدرج البابا الحوار بين الفاتيكان والزعامات الاسلامية في اطار "منتدى دائم مع العالم الاسلامي"، موافقاً البابا على ان الوقت حان "لطي صفحة المرحلة المظلمة من تاريخنا المشترك".
وقالت مزين دريسن، احدى النساء الثلاث في الوفد وهي غير محجبة، ان خطاب البابا "كان رائعاً وقد بكيت وانا استمع اليه".
وقال رئيس احدى المنظمات التركية الاسلامية في المانيا رضوان جاكير: "لدينا الكثير من القواسم المشتركة ولا بد للجميع ان يكونوا ضد الارهاب".
سهرة صلوات
ومساء أحيا البابا سهرة صلوات مع اكثر من 700 ألف شخص قدموا من 193 بلداً، في مارينفيلد التي كانت منجماً على مسافة 27 كيلومتراً من كولونيا.
وكان بين الحضور آلاف الشباب الكاثوليك وآخرون بروتستانت وعدد من غير المؤمنين، وقد اتجهوا الى الموقع سيراً على الاقدام او في الاوتوبيسات التي قامت بـ 1200 جولة بين كولونيا والموقع من الساعة 06.00 الى 18.00 بتوقيت غرينيتش.
وحلقت فوق المكان طائرات هليكوبتر عسكرية، بينما حظر أي طيران غير مأذون له في الأجواء.
ودعا البابا الحضور الى اكتشاف "وجه الله الحقيقي"، مؤكدا ان "الله وحده هو منبع الثورة الحقيقية والتغيير الحاسم في العالم". وأضاف: "عشنا في القرون الماضية ثورات كان برنامجها المشترك عدم توقع شيء من الله، بل تولي شأن العالم بنفسها لتبديل اوضاعه"، لكنها قادت الى "التوتاليتارية" وسلبت "كرامة" البشر، في إشارة إلى الأنظمة الشيوعية.
وأكد بينيدكتوس الـ16 ان "ثمة اموراً كثيرة يمكن انتقادها في الكنيسة. نعلم ذلك والرب نفسه قال لنا: انها شبكة فيها أسماك صالحة وفاسدة، حقل فيه القمح والزؤان". وذكّر بأن سلفه البابا يوحنا بولس الثاني "طلب الصفح عن كل الاخطاء التي حصلت عبر التاريخ نتيجة اعمال بعض رجال الكنيسة وكلامهم"، وانه طوب العديد من القديسين ليكشف "الوجه الحقيقي للكنيسة".

 

 

حافظ الجمالي

محمود استانبولي

محمد الراشد

جلال فاروق الشريف

جودت سعيد

روجيه غارودي

بيير تييه

رنيه شيرر

اوليفييه كاريه

مفيد ابو مراد

عادل العوا

وهيب الغانم

اتصل بنا

من نحن

جميع الحقوق محفوظة لمدرسة دمشق المنطق الحيوي 1967 - 2004