مقايسة حيويه :

للاعلاميه آمال  فضل القادري

 الجنسية: لبنانية تاريخ الولادة: 9-8-1984 مكان الولادة: البقاع، شتورا الإختصاص: إعلام، مرئي ومسموع الهواية: المطالعة، الرياضة، السينما والموسيقى

--- في مقال نشر في 23 نيسان 2005   بعنوان لا صوت يعلو فوق صوت الوطن  د. خالد محمد صافي*

إن انتشار ظاهرة التعصب الحزبي في المجتمع الفلسطيني يشكل تهديداً حقيقياً لسلامته ومستقبله، ويعد عنصراً هداماً في معركة التحرير والبناء. ولا يعني قولنا بأي حال من الأحوال رفض الانتماء الحزبي، واختلاف الآراء لاسيما ونحن نرى أن اختلاف الآراء هي ظاهرة صحية تعبر عن سعي الكثيرين إلى التفكير للخروج من الواقع الفلسطيني والعربي المتأزم.

ودائماً أكرر لطلبتي بأننا نستفيد ربما من الرأي المخالف أكثر مما نستفيد من الرأي المؤيد لأن الرأي المؤيد والمناصر لا يضيف جديداً، وأن تلاقح الأفكار هي الطريقة السليمة للخروج برأي سديد لمعالجة القضايا الملحة التي تواجهنا سواء على صعيد الحياة اليومية أو على صعيد القضايا المصيرية. ولكن ما نعارضه ونرفضه هنا هو التعصب للرأي بحيث يفقد الإنسان من جراء ذلك القدرة على الاستماع إلى الرأي الآخر وتقبله. 

فالملاحظ والمتأمل لواقعنا السياسي يجد أن التعصب الحزبي قد طغى على الكثير من مناحي الحياة الثقافية والسياسية في وطننا الحبيب، بل الظاهرة الأخطر هي أن الانتماء الحزبي قد فاق في الكثير من مظاهره وطرق التعبير عنه الانتماء للوطن. ولا يسعنا هنا إلا التأكيد على أن الفصائل الحالية الوطنية والإسلامية قد قامت من أجل الوطن، وأن الانتماء لها هو من أجل تحرير الوطن، وتأكيد حق تقرير المصير وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة.

فقد شهدت سنوات ما بعد النكبة والسنوات الأولى من خمسينيات القرن العشرين محاولات قوى عدة عربية وغير عربية لطمس الهوية الفلسطينية، ووضع المعوقات أمام إبراز الكيانية الفلسطينية. وجاءت الإرهاصات الأولى لتأسيس حركة "فتح" في أواخر الخمسينيات كمحاولة جادة لإعادة الهوية والكيانية الفلسطينية إلى الوجود. ثم تم إنشاء منظمة التحرير الفلسطينية في أيار/ مايو 1964 من أجل تجسيد الكيان الفلسطيني بعد سنوات الشتات، وشكل ذلك مرحلة جديدة بالرغم من هزالة هذا الجسم وارتباطه بإرادة الأنظمة العربية في سنواته الأولى.

وجاءت انطلاقة حركة "فتح" في الأول من يناير 1965 لترسي المشروع الوطني التحرري على أسس ثورية لتعيد للكيانية الفلسطينية مفهومها النضالي لتحقيق الاستقلال وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة. وتلا ذلك تشكيل الفصائل الفلسطينية اليسارية التي جسدت مفهوم تعددية العمل الوطني الفلسطيني، وأبرزت الرغبة الملحة لدى العديد من الوطنيين بالانخراط في العمل النضالي وضرورة احترام التعددية الفكرية والأيدلوجية في سبيل الوصول بالوطن إلى بر الأمان وتحريره من براثن الاحتلال الصهيوني.

وجاءت بداية الثمانينات لتشهد انطلاقة جديدة في العمل النضالي وذلك بدخول الإسلام السياسي الفلسطيني ساحة المقاومة. وانبثقت حركة الجهاد الإسلامي من رحم الحركة الأم -حركة الإخوان المسلمين- نظراً لاستبطائها انخراط الحركة الأم في العمل النضالي، واقتصارها على العمل الدعوي الإصلاحي. فجاء نداء الوطن هو العامل الأساسي في بروز حركة الجهاد الإسلامي كحركة دمجت البعد الدعوي الديني مع البعد النضالي الوطني التحرري.

ولم تمر سنوات عدة حتى شهدت الساحة الفلسطينية نشوء حركة المقاومة الإسلامية "حماس" في بداية الانتفاضة الكبرى 1987-1994 لتعبر عن تعاطي واستجابة حركة الإخوان المسلمين في فلسطين للتحديات الجديدة التي جلبتها الانتفاضة الفلسطينية. وشكل ذلك بالطبع ربطاً واضحاً بين العقيدة الإسلامية والمعنى الوطني للنضال، بمعنى الربط بين الدعوة والإصلاح من جهة والعمل العسكري ضد الاحتلال منطلقاً من فكرة الجهاد الذي اعتبر واجباً شرعياً. وعبرت "حماس" عن نفسها بأنها الجناح السياسي الفلسطيني من حركة الإخوان المسلمين، وأنها تعبر عن خصوصية فلسطينية فرضتها ظروف الوطن والقضية الفلسطينية. ومن هنا يمكن القول إن تحرير الوطن الفلسطيني شكل الهم والقاسم المشترك لجميع الفصائل الفلسطينية على اختلاف أرائها ومنطلقاتها الأيديولوجية والتنظيمية.

ومع ذلك فقد شهدت الساحة الفلسطينية في السنوات الأخيرة ظاهرة فريدة من التعصب الحزبي وتقوقع الانتماء نحو الفصيل السياسي، وتمحور الولاء لشخصيات وقيادات حزبية أكثر من الولاء للمبادئ والثوابت الوطنية. وحلت راية الفصيل محل العلم الفلسطيني على أسطح المنازل والمكاتب الحزبية. وأصبح الشهيد بعد استشهاده ليس سوى رقم يضاف إلى أرشيف الفصيل الوطني. وتبارت الفصائل في التبني والاستئثار بالشهداء، ولف جثامين الشهداء عقب استشهادهم براية الفصيل بدل لفها بالعلم الفلسطيني. وتراجع المفهوم الوطني أمام زحف وتقدم التعصب الحزبي الجارف، وتناسى الجميع أن الشهيد قد استشهد من أجل قضية ومصير وطن وليس من أجل راية الفصيل التي أصبحت تختزل العمل النضالي وتقوقعه حول ذاتها. وتراجعت الثقافة الوطنية أمام الثقافة الحزبية، والثوابت الوطنية أمام التبريرات الحزبية التي أصبحت تدافع عن سياسات الفصيل بغض النظر عن مدى انطباق وانسجام هذه السياسات مع الهم العام والقضية التحررية. وصنع كل فصيل من شخصياته وقيادته أصناما ترفع صورها وتعلق على الجدران وحلت محل صور مدن وجبال الوطن وسهوله في الواقع والذاكرة الفلسطينية.

وشهدت الفصائل تعبئة حزبية ضيقة لعناصرها لا تضع إلا اسم الفصيل وقيادته على خارطة الوطن وذاكرته وتحاول محو الآخر من النضال الفلسطيني، هذه التنشئة الحزبية التي ترفض تقبل الآخر والاعتراف بوجوده.

 

حافظ الجمالي محمود استانبولي محمد الراشد جلال فاروق الشريف جودت سعيد روجيه غارودي
بيير تييه رنيه شيرر اوليفييه كاريه مفيد ابو مراد عادل العوا وهيب الغانم
اتصل بنا من نحن جميع الحقوق محفوظة لمدرسة دمشق المنطق الحيوي 1967 - 2004