(1)
حوار مع خلفية إسلامية لفضيلة الشيخ جودت سعيد
(
)
إلى
الإنسان الحيوي الدكتور رائق النقري:
السلام
عليكم ورحمة الله،
وبعد..
قرأت مداخلتك في ندوة المعهد العالمي وقرأت الأجزاء الأربعة من كتاب المنطق الحيوي
والتقيت بالسيد (أبو عقيبة)()
وتحدثت إليه وحدثتني ابنة أختي "عفراء" التي زارتكم في منزلكم في واشنطن وكما قال
السيد روجيه غاروديه إنك تقرأ العالم بدون عيون الموتى.
إن هذه
العبارة في ظاهرها جميل وتحوي كثيراً من الواقع، ولكن ليس كل الواقع، بدون الموتى
نحن صفر مهما كانت إمكاناتنا حادة وحيوية، إن قراءتك للموتى والأحياء هي التي جعلت
منك ما أنت عليه، والإنسان لا يمكن أن يتجاوز معطيات بيئته إلا إلى قدر محدود فكل
من استطاع أن يضيف شيئاً جديداً فقد حطم الرقم القياسي وقد حطمتَّ أرقاماً كثيرة
ولمسافات كبيرة حياك الله.
والأخ
أبو عقبة رغب أن أكتب شيئاً من انطباعاتي بعد ما قرأت ما كتبت وسمعت شريط حصاد
الأسبوع. ما أدري لماذا تمنيتُ أن تكونَ في بلدك وأن تكون لك صلة حيوية مع كل
العقول، لا مانع من رؤية العالم وحضوره ولكن المركز هنا، وقد قلت لم لا تكون اليقظة
من سوريا. هذا الذي بدأت به شيء رائع ورائق، الحاسبات تصنف بأجيال ولو أننا صنفنا
الفكر لكنت تمثل جيلاً متطوراً جداً، إلا أن المنطق الحيوي لا يقف عند حدود فهو في
تصاعد مستمر، والحيوي في شبابه يضطر أن يكون صلباً في حيويته وأفكاره، وأظن أن
معاناة الحياة تجعل الإنسان أرق وأرأف من غير أن يفقد شيئاً من عمقه في الفهم
وفعاليته في التعبير، وإني آمل أن ترفد الفكر بقوة، وليس كل الناس قادرين على توليد
الرؤى الجديدة والتحليلات العميقة فنتمنى لك استمراراً في العطاء والإبداع، كما
أتمنى أن يتيسر لي أن أدعمك لنتعاون على البر والقسط ونتعاون على ترك العدوان. وأنا
ابتليت بلوثة شديدة ضد العنف حتى على المعتدي، وأراني أطلب من أعماق قلبي أن ننبذ
حلول العنف في العالم العربي والإسلامي وسائر المستضعفين وكل الذين اقتنعوا على نبذ
العنف بقناعة كأسلوب لحل المشكلات يمكن أن نتعاون معهم إلى أقصى الحدود دون أن نسأل
عن قوميته ودينه وأراني أشعر بأني منسجم مع ذاتي ونظام الوجود في هذه الدعوة ولا
أطلب عقيدة جديدة ولا مذهباً، ولحل مشكلة العرب والمسلمين أعرض فكرة طوباوية بديلاً
عن واقعنا إننا ندين كل من يحاول أن يحل مشكلات ما بين العرب بالعنف إذ بهذا يكون
باع قضيته لأشد خصومه، وبدلاً عن ذلك نطلب بديلاً لا يخسر به أحد من البلدان
والزعماء شيئاً لا مالاً ولا حدوداً ولا زعامة ويريح الجميع حين نؤمن بعضنا على بعض
والعالم الغربي الذي دمر نفسه بحربين عالميتين في هذا القرن يفعل هذا من غير أن
يخسر واحد منهم شيئاً بل يريح الجميع وهذا يمكننا أن نفعله أيضاً.. ولكن قبل أن
نفعل ذلك ينبغي أن نبشر به الشعوب التي لا ترى حلاً للوحدة إلا بالعنف ينبغي أن
ندعو إلى هذا بصدق وأظن أن الشعوب ستخرج من بيتها وغرفها حين تتخلص من عقيدة الحل
بالقتل وإني أشبه اللا شعور المخبأ عند المثقفين بالطبيب الذي لا يجد حلاً للمريض
إلا يقتله ويئس الطبيب المداوي الذي ليس عنده بديلاً إلا القتل.
فهل
يمكن أن نستخدم عبقريتك وتفيدني في هذا الموضوع. إن أينشتاين وضع معادلة المادة
والطاقة فكيف نعبر بالمنطق الحيوي في المستوى الإنساني بمعادلة؟! إن المسيح كان
يقول في الإنجيل: "أيها المتعبون في العالم هلموا إلي تعالوا إن نيرى خفيف" وفي
القرآن أنه يضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم.
إننا
نحمل روح الإجرام.. ومن يحمل روح الإجرام لا يهنأ له بال ولا يرتاح له نفس، حتى
نزيل من أنفسنا أننا يمكن أن نحل المشكلات بالعنف فإذا أخرجنا من قلوبنا أن نفرح
بقتل أحد ستفتح طرق لا نهائية للحلول.
إن
العالم دخل عهداً جديداً فعالم الكبار لا يمكن أن يتقاتلوا، السوفيت سقط بدون قتال
وهو يملك ما يمكن أن يدمر به الأرض، واليابان صعد إلى القمة، ولعلك قرأت كتاب
شينتارو إيشيمارا "اليابان البلد الذي يستطيع أن يقول لا" وعالم الصغار إذا أرادوا
أن يحلوا مشكلاتهم بالعنف فمصيرهم مصير العراق وإيران.
قال
محمد بن عبد الله للعرب كلمة واحدة تعطونيها تملكون بها العرب وتدين لكم بها العجم
"اتركوا شريعة الغاب" من قبل لا إكراه في الذين فقد دخل في الإسلام السياسي له ما
لنا وعليه ما علينا وإن لم يقبل في عقيدتنا في الله واليوم الآخر إنني أدعو إلى
مذهب ابن آدم الأول الذي قال: لئن بسطت إلى يدك لتقتلني ما أنا بباسط يدي إليك
لأقتلك.. والقنبلة النووية تشهد بصدق هذه الفكرة.. تأمل إن العرب خلال عقدين أنفقوا
على التسلح ألف مليار دولار!! ألسنا نحن المثقفين المسؤولين عن هذا؟ إن المشكلة
ليست في السياسيين، إن السياسي حفيد المثقف، نحن الذي نصنع السياسي.. لا أدري هل
أطلت الحديث معك.. ولكن إنني معك في كل المنطق الحيوي إذا أبعد عنه العنف.. هذا
البند الوحيد الذي أريده بإصرار.
فهل
لهذه الفكرة مكان في المنطق الحيوي؟؟ أظن ذلك.. متى وكيف تصير بلادنا ليس لها
لاجئين سياسيين؟ كيف نحن نجعل أنفسنا غير مضطرين أن نكون لاجئين سياسيين؟ اعتقد
بإمكان حل المشكلات من طرف واحد، نحن الذين نضع قوانين اللعبة، الآخر هو وشأنه.
إن
الفرق بين حضارة الغرب ودعوة الأنبياء في الشرق، أن حضارة الغرب تجيز حسب حقوق
الإنسان وتقرير المصير أن تضع حكوماتها بالعنف. ولكن الأنبياء حرموا أن يصنعوا جهاز
القرار بالعنف بل حرموا الدفاع عن النفس ونجحوا أيضاً. هذه مفارقة. هذا يحتاج إلى
تأمل وبعد العالم عن هذا هو الذي يجعل للكفاح مبررات.
وبعد
إن الحب هو فرق الجهد وفضل القيمة. هل كان المسيح يطلب مستحيلاً حين قال:أحبوا
أعداءكم؟ وهل القرآن يقول الحق حين قال: ها أنتم أولاء تحبونهم ولا يحبونكم؟ وهل
ابن عربي زنديقاً حين قال:
لقد
كنت قبل اليوم أنكر صاحبي * * إذا لم ديني إلى دينه داني
لقد
صار قلبي قابلاً كل صورة * *
………………………
أدين
بدين الحب أني توجهت * * ركائبه فالحب ديني وإيماني
هل أنت
محب؟ إنك إذن حيوي.. إذن أنت موجود..
جودت
سعيد
دمشق
–ص
ب: ب5016
رد
سريع على الأستاذ جودت سعيد
التقيت، لاحقاً لهذا الرسالة، بفضيلة الشيخ جودت سعيد، عندما حضر في 1998 للمشاركة
في مؤتمر في واشنطن، ودار حوار جميل ومطول بيننا تعرفته بشكل أفضل وتعرفني هو
أيضاً، وأقراني أن العنف هو دارة من دارات وحدة مربع المصالح وبالتالي، فليس هناك
دارة واحدة، يمكننا معها حذف الدارات المنطقية المصلحية الأخرى.. والتفهم المنطقي
الحيوي، لهذه الدارات يمكّننا أن نفهم، ما هو تكتيكي مخادع في رفع شعار السلام..
وما هو استراتيجي صادق!! ولذلك، فإن شرط استخدام المنطق الحيوي، في نشر وتعميق فقه
المصالح، هو الذي يساعدنا على محاربة دارات العزلة والصراع.. وبه -أيضاً- نستطيع
توجيه العنف الحيوي، باتجاه التعاون، والتوحيد الحيوي لتحقيق إرادة الحياة..
الحرية.
مفكر إسلامي بارز، مواكب
للحركة الفكرية المعاصرة، وله تجربة عميقة في قراءة الواقع الإسلامي، يتميز بمنهجه
الفكري الفريد الذي يعد تطويرا وشمولا
لمناهج المفكرين الإسلاميين الكبيرين محمد إقبال ومالك بن نبي.
-
ولد في قرية بئرعجم من أعمال محافظة القنيطرة في المنطقة المحررة من الجولان في
سورية عام 1350 هـ/ 1931 م.
-
انتقل في المرحلة الثانوية إلى الأزهر الشريف حيث أتمها هناك وتابع إلى أن تخرج من
كلية اللغة العربية في جامعته.
-
عاصر ولادة مصر الوطنية، والأفكار المختلفة والحوارات التي نشطت إبان ثورة يوليو،
وبذلك تمكن من مراقبة ولادة الكثير من الاتجاهات الحديثة والمؤثرة عن كثب على
اختلافها وتناقضها.
-
تفرغ للعمل الفكري
وقدم العديد من الكتب والدراسات
والمحاضرات منذ أواخر الخمسينات ولايزال يهتم في فكره بترشيد الوعي الإسلامي، ونبذ
فكرة العنف، ليضع بديلأ حضاريا يتمثل في التغيير بالحوار والبحث في آيات الآفاق
والأنفس، وهو في بحثه المستمر والدؤوب عن إشكالات الفكر العربي والإسلامي الحديث
يبني تصورات تمثل وعيا حضاريا فريدا، ورؤية غير مألوفة تنطلق من صميم الإسلام لتبين
مثالب الفكر الإسلامي وعيوبه وثغراته، ولتحدد وجهة نظر نقدية على قدر كبير من
الجرأة والموضعية تجاه التراث والحاضر والمستقبل والعلاقة مع الآخر، والعلاقات في
الداخل الإسلامي مجتمعا وعقيدة.
-
بدأ نشر أعماله الفكرية أوائل الستينات،
ونشر عدد من الكتب والكثير من المقالات والأبحاث والدراسات المتفرقة في دوريات
مختلفة، إضافة إلى العديد من الندوات واللقاءات والحوارات في بلدان مختلفة.
أهم السمات المميزة لفكره
ومشروعه النهضوي:
1-
دعوة المسلمين إلى استرجاع ثقتهم بـ
(العلم )، وبالسنن والقوانين الكونية والتاريخية، كشرط لازم للنهوض.
2-
التأكيد على رد المشكلات إلى الذات لا إلى القوى
الخارجية.
3
- التركيز على علم التاريخ.. والنظر في العواقب.
4
- الامتياز بنظرة شمولية للأحداث في
العالم الإسلامي عامة.
أ -
المؤلفات المنشورة:
1
-
لم هذا الرعب كله من الإسلام ؟ الجامعة السورية / بداية
الستينات.
2
-
مذهب ابن آدم الأول / 1966.
3
-
الإنسان كلأ وعدلأ / 1969.
4
- فقدان التوازن الاجتماعي (1978).
5
- العمل قدرة و إرادة ( 1980).
6
- حتى يغيروا ما بأنفسهم ( 1972).
7
- اقرأ وربك الأكرم (1988).
8
- مفهوم التغيير ( 1994).
9
- رياح التغيير ( 1995).
ب ـ مؤلفات بالاشتراك:
10
- الحوار سبيل التعايش، ندوة
مطبوعة، بالاشتراك مع آخرين 1994 بيروت 1
11
- التغيير مفهومه وترافقه، ندوة مطبوعة بالاشتراك مع
آخرين، 1995، بيروت ب ـ تقديم الكتب:
12 -
مقدمة كتاب (أيها المحلفون: الله لا الملك) لمولانا محمد علي.
كتب عنه:
13-
الهجرة إلى الإسلام، إبراهيم محمود، دار الفكر، دمشق،
14
- النزعات المادية، عادل التل دار البينة1995.
15
- كن كابن آدم، جودت سعيد.،
16
-الإسلام والديمقراطية
والغرب
|