مصطلحات
الجوهر
الشكل الحيوي
ا|فقه المصالح الحيويه
|
الحيويه الاسلاميه
| المنطق
التوحيدي للشكل الحيوي
| ب
تحوي
المنطق ومنطق التحوي |
العولمه
|
الجوهر
هو عكس العرض..
أي غير الأساس.. وهو المقولة الأرسطية الأولى، التي تعني أن الكائن ثابت
الجوهر، فلا يتغير أبداً، ومستقل
ومتمايز عن غيره
كليا و
غير قابل للذوبان في الأعراض، أو ما يسمونها
بـ "الأعراض المتغيرة والقابلة للامتداد والتواصل".. وتعبير الجوهر يعبر عن
مصالح واحتياجات تتطلب عدم الإقرار بالتغير أو التواصل الشامل
,ومنطق الجوهر هو الجذر المشترك لكل الفلسفات الماديه
والروحيه الدينييه وغير الدينيه التي تحتكر لنفسها -دون غيرها - امتلاك الحق
والحقيقه وكل الحقوق..الامر الذي يجعلها تحتوي
ازدواجية معايير ؟؟وتتحوى بسياسات عنصريه
؟؟بوعي او
بدون وعي
ومنطق الجوهر ليس
خطأ فكريا
..وليس تعبيرا عن ارادة شريرة؟؟ بل هو تعبير
حيوي ضمن ظروف تفرضها مصالح مغلقه تتطلب النظر
الى ال"ذات" الخاصه فينا.. بوصفها تختلف جوهريا عن "ذات" الآخرين؟؟ وبالتالي تبيح
لنفسها ازدواجية المعايير ؟؟فتبيح
لنفسها مالاتبيحه لعيرها..؟؟وتستفيد
من التحويات الاستغلاليه والاستعلائيه والاستئصاليه العنصريه فكريا
وسياسيا..
و وكما ذكرنا سابقا فان
منطق الجوهر ليس خطأ بل هو تعبير عن منطق حيوي في عصور ماقبل تحطيم
الجوهر الذري وانتشار اسلحة الدمار الشامل وتقنيات الفضاء والترانسزستور
والانترنيت؟؟ نقول بالرغم من كون منطق الجوهر له
حيويته و مايبرره في تلك العصور ؟؟
فان فطرة الخير كانت تتخطاه وتحدس بما يحطم انغلاق المفاهيم الجوهريه
العنصريه وتتجاوزها الى ماهو بدهي مشترك كونيا ؟ ولذلك فان كل
الممارسات الانسانيه ونداءات المحبه و المساوات والعدل بين البشر كانت تتضمن
نقدا وتجاوزا لمبدأ الجوهر وتتشكيكا بمنافع الاخلاق العنصريه المتمثله
بازدواجية المعايير
المنطق
التوحيدي للشكل الحيوي
هو الصيغة التي يمكن أن نتتبع فيها صيرورة الكائن بأبسط صيغة
تعبر فيها عن وحدة صيغ ظهوره وتنوعه وزواله ، بوصفه حركة ،و صيرورة احتمالية ،
ونسبية. وهذه الصيرورة تختلف من كائن من كائن إلى آخر، باختلاف متطلبات وضرورات
الظروف المشكلة. وبهذا المعنى، فإن الاختلاف بين الكائنات يعبر عن وحدة القانون
العام للشكل الحيوي. وبهذا المعنى- أيضاً- فإن المنطق الموحد هو منطق التوحيد
للمعرفة الكونية من خلال مقولة الشكل القادرة على فك تعقيدات أية كينونة مطروحة
للمعرفة البشرية بواسطة تقنية "وحدة مربع المصالح" بوصفها بسيطة وشاملة وقابلة
للفهم والدلالة بقوة البداهة والحس السليم، من خلال أية كينونة عملية أو نظرية.
و بهذا
المعنى فان منطق توحيد
الشكل الحيوي
يشمل
جميع صيغ
و اشكال التكون
ويحتوي كل الظواهر
الفيزيائيه والميتافيزيائيه ويتحوى
نقديا كل الصيغ والحواءات المنطقية
وغير المنطقيه؟؟
الخاطئه والمتناقضه والمشروطه والصائبه وغير المشروطه وغير المتناقضه
؟؟واسواء اكنا
نعرفها ام لا؟؟ سواء اكنا قادرين -كبشر - على تحويها ووعيها واحتوائها
والبرهنة عليها ام لا؟؟
بوصفها لحظات منطقية تعبر
باختلاف مصالح
طرق تحويها عن
وحدة
تشكلها
المنطقي
واحتوائها وتحويها جميعا في
المنطق التوحيدي للشكل الحيوي
...
-
فقه المصالح الحيويه
أشار ابن خلدون في
مقدمته إلى الفقه بقوله: "الفقه معرفة أحكام الله في
أفعال المكلفين بالوجوب والحظر والندب والكراهة والإباحة، وهي مستقاة من الكتاب
والسنة وما نصبه الشارع لمعرفتها من الأدلة، فإذا استخرجت الأحكام من تلك الأدلة
قيل لها (فقه)".[ ابن خلدون: المقدمة ص445].
ولم تكن تسمية "الفقهاء"
شائعة أيضاً، بل كان أهل الاستنباط من الصحابة يُعرفون باسم "القرَّاء" تمييزاً لهم
عن الأميين الذين لم يكونوا يقرءون. وفي هذا يقول ابن خلدون: "… ثم عظمت أمصار
الإسلام، وذهبت الأمية من العرب بممارسة الكتاب، وتمكن الاستنباط، ونما الفقه وأصبح
صناعة وعلماً، فبدلوا باسم الفقهاء والعلماء من القراء"[ المصدرالسابق نفسه ص446].
فهل هذا هو معنى الفقه الذي نقصده؟
الايجابه هي النفي
بل نقصد به
المعرفه العمليه والنظريه للمصالح سواء اكانت متعلقه بالتراث او بمجريات الواقع
الراهن
ونقصد بالمصلحه
من صلح والعكس هو الفساد وننظر الى الاديان والمذاهب جميعا من حيث
صلاحها وصلاحيتها للحياة على الارض؟ وبذلك فاننا نقصد ب:فقه المصالح الحيويه
كل الفعاليات النظريه
والسياسيه السياسيه الدنيويه لاقامة مجتمعات التوحيد والعدل وتنظيم
وتدوال الحكم لتحقيق ارادة الحياة : الحريه
هل ثمة من يزعجه هذا التعبير؟
نعم
اذ
يعد تعبير
الفقه حكرا يستغله كهنوت يعيش منه وعليه؟؟ كما ان ربطه بالمصلحة
يعد عند بعضم تسفيا للمقدس كهنوتيا.. فالمصالح،
من التعابير المستهجنة، عند عامة الناس، في ديار العرب والمسلمين، لما فيها من
معانٍ مادية يترفع الناس عنها، ويزهدون بها لأسباب كثيرة.. ولكن، هذه المصالح،
عندما تكون حيوية توحيدية، فإن الزهد فيها تخاذل، والمصالح ليست مادية فقط، بل
متنوعة، والإسلام يحرض على الحيوي منها، بوصفه إرادة الله في خلق الإنسان ليكون
خليفته في الأرض، يزرعها ويعمرها ويستحضر الطيبات ويتمتع بها ويزينها بالبنين ويزيد
أموالها.. وخيراتها.
وإذا قرأنا تاريخ أسباب نزول الآيات القرآنية، ومواقف السنة النبوية، ومقاصدها!!
فإننا نجدها- كلها- توضح أنها إنما أتت لتدعم مصالح حيوية.. بما فيها تلك الأعمال
والتي يبدو فيها تناولاً عن إيمان ما.. ومن ذلك فإنه حين عقد صلح الحديبية عندما
اقترح الرسول (ص) أن تكون صيغة العقد "بين محمد رسول الله و.." فإن الجانب المعادي
رفض تعبير رسول الله.. وقال: لو آمنت بك لما قاتلناك.. فأقره الرسول على ذلك، وقال
اكتب "بين محمد بن عبد الله و.." ولا نستهدف- هنا- استعراض المقاصد الحيوية في كل
عمل وسلوك أقرته الشرائع والقوانين السائدة في أي مجتمع، ومنها الإسلامي.. ولكن
نستهدف الإشارة والتحريض إلى ضرورة قراءة التراث والعصر بموجب تقدير المصالح
المترتبة على أي عمل أو رأي. وبذلك، فإن فقه المصالح ليس مجرد قراءة نظرية بل تطبيق
عملي، وسعي حثيث، لتحقيق المصلحة الأكثر حيوية، التي تتضمنها أية توجهات عملية أو
نظرية.
فقه المصالح هو القياس المعياري الحاسم، بالنسبة للحيوية الإسلامية. وأية حيوية
أخرى، تتعلق بقراءة حضارة أو مجتمع آخر.. ويمكن تحديد هذه المصالح ضمن تحويات أربع
دارات متحولة هي العزلة، والتعاون، والصراع، والتوحيد، يجمعها معاً منطق وحدة مربع
المصالح. وفي التراث الإسلامي يمكن ملاحظة فقه المصالح بوضوح.
فمصطلح التوحيد تتقرر من خلال تأكيد وحدة الخليقة "كلكم لآدم وآدم من تراب"، {خلقكم
من نفس واحدة} (النساء 1)، و"أصل الأشياء الإباحة" و"من قتل امرؤاً بغير حق فإنما
قتل الناس جميعاً".
هذه المعاني تؤكد مصلحة التوحيد، وأولويته وأكثر من ذلك، فإن وصف الجهاد النفسي
والسياسي بالتجارة المنجية {هل أدلكم على تجارة تنجيكم} (الصف 10).
لا يدل على أهميتها ومشروعيتها وحسب!! بل يدل - أيضاً- على كون الريح بمعنى النجاة،
والخير يعني المصلحة الأكثر حيوية.. والمصلحة الأفضل، هو في الجهاد التوحيدي النفسي
والسياسي.
والمتأمل في المعاني الرمزية لسمات الجنة، المعدة للذين اتقوا الله، في اختيار
مصالحهم الموجهة، لتكون رابحة.. يجد أنها توضح هذا المعنى. فرموز الجنة، أتت كلها
بمعنى الخير المحسوس دنيوياً "طعام، وشراب، وأنهار لبن، وخمر، وأرائك، ونساء كواعب،
بل وغلمان مخلدون!!". كل ما تشتهي النفس وبإطلاق أبدى {وما هذه الحياة الدنيا إلا
لهو ولعب وإن الدار الآخرة لهي الحيوان لو كانوا يعلمون} (العنكبوت 64).
هذه الرموز الحسية، لا تجدها إلا عند الأغنياء، أو التجار الرابحين، الذين يكنزون
الفضة والذهب والنمارق.. ويعترفون بأن ذلك من "فضل الله" من أجل تحقيق مصلحة أكبر،
أغنى، أكثر {لئن شكرتم لأزيدنكم} (إبراهيم 7).
هذه المعاني يمكن أن نجدها - أيضاً- عند كل الشعوب في كل الثقافات، وفي كل الأديان
ويؤكدها الإسلام، بوصفها المعيار الحاسم {وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض}
(الرعد). وإذا كان التوحيد المصلحي، هو أحد دارات مربع منطق المصالح، فإن الدارات
الأخرى هي الصراع والتعاون والعزلة، ويجب أن تفهم - فقط- من خلال كونها لتحصيل حق
مهدد. وهذا في دارة المصلحة الصراعية { وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم}
(البقرة 190). حيث الحض- هنا- على القتال، لتأكيد التوحيد المصلحي، وذلك من خلال
دفع المكروه والعدوان. ولكن يجب أن ننتبه { ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة} (البقرة
195). إذا كان الصراع خاسراً أو غير مجزٍ، فالأفضل أن نسعى إلى دفع المكروه والحفاظ
على مصالح التوحيد من خلال دارة التعاون المصلحي {وتعاونوا على البر والتقوى}
(المائدة 2). {تعالوا إلى كلمة سواء} (آل عمران 64). {إنما المؤمنون أخوة}
(الحجرات10). {وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم} (المائدة5). وعندما
يكون التعاون غير ممكن أو مغر لمصالح التوحيد.. فإنه يتم استحضار دارة العزلة {لكم
دينكم ولي دين} (الكافرون6) {ولا تقف ما ليس لك به علم} (الإسراء 36).
فمربع منطق الدارات المصلحية- هذا- يمكن استخدامه كمفسر لأي رأي، وسلوك، وأي تصرف
لأي كائن، ولأي مجتمع وتراث!؟ فالفرق فيما بينها هو فرق في تقدير المصلحة وتقدير
منطق الدارة المصلحية الأفضل. والحيوية الإسلامية تحض على عدم اختيار الأقل، في حال
وجود الأفضل "إذا حضر الماء بطل التيمم"، "والحي أفضل من والميت" ولكن إذا لم يكن
هناك ماء.. ولم يكن هناك قدرة حتى على ذكر اسم الله علناً.. "فالتقية مطلوبة!!"
وتعريض النفس للموت بسبب كلمة أو لفظ فهو أمر محرم!! ولكن إذا كانت الكلمة مفيدة،
فإنها قد تكون "أفضل الجهاد عند الله كلمة حق عند سلطان جائر" وهذا لا يعني شتمه،
أو تعريض النفس للبطش بلا داع، ولكن إذا كان التعرض للبطش يؤدي إلى انتصار الخير
وشيوعه، فإنه مفيد، فالذين قتلوا في سبيل الله هم {أحياء عند ربهم يرزقون} (آل
عمران 169). ولنلاحظ أن الحياة- هنا- وفي ل مكان، تعني مصلحة التوحيد.
كما أن الرزق- هنا- يعني مصالح الاستمرار والتجدد {استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم
لما يحييكم} (الأنفال 24). وبهذا تفسير واضح إلى أن الأداة الشرطية "إذا" تعني
ضرورة التفقه بالمصلحة الحيوية لدعوة التوحيد وإلا فلا معنى لها؟! ولذلك مرة أخرى
{ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة} (البقرة 195). و {وإن جنحوا للسلم فاجنح لها}
(الأنفال 61).
ومعايير تعيين الدارة المنطقية المصلحية الأفضل ليست مجرد أمر شخصي، وبخاصة فيما
يتعلق بالأمور العامة.. ولذلك تقتضي المصلحة أن يراجع المرء ويستشير {وشاورهم في
الأمر} (آل عمران 159 ). ولاحظ المزاج العام "فما اجتمعت أمتي على باطل" وهذا لا
يعني أن كل إجماع يقوم على الحق الحيوي!! بل يعني أن كل إجماع يقوم على تقدير مصلحة
ما!! واضحة وعامة وحيوية للذين يقبلونها.. وإلا ما أجمع هؤلاء الناس عليها!؟ ولكن
إذا كان إجماعاً يدعو لقتل النفس التي حرم الله. فاربأ بنفسك عن ذلك واعتزل عنهم،
ولو اجتمعت الإنس والجن لإغرائك بعكس ذلك!! لأن المصالح الحيوية درجات.. ففيها
الأدنى، وفيها الأعلى!! والتوحيد هو الأعلى!.. فلماذا نقبل بالأسفل؟.. ونرضاه..
دارة تتحوانا، ونسجن أنفسنا فيها، مع أن العالم رحب حولنا.
وبهذا المعنى، فإن علينا أن نفسر التاريخ الإسلامي وغيره من خلال وحدة مربع الدارات
المنطقية للمصالح، ونسعى باستمرار لاختيار أفضل الدارات وأكثرها شمولاً وشيوعاً..
فأصل الأشياء الإباحة، والخير هو فطرة الكون!! وحتى الشرير يكره الشر في نفسه!!
وأكثر من ذلك فإن فقه المصالح يقوم على أن عامة البشر بحاجة إلى مفهوم الله أو
القانون المطلق، والى تحديد قيم الحق والخير والجمال.. أما الله نفسه فهو ليس بحاجة
إلى البشر.. وبالتالي ، يجب أن لا نسأل عن مصلحة الله.. بل عن مصلحة البشر.. وإذا
كان لله مصلحة، فهي كما وصفتها كل الأديان، تتمثل بالخلق والحياة والعطاء وديمومة
الوجود الحي.. وهي مصالح لا تتوقف على رأي البشر!! ولذلك، فإن قتل امرئ بحجة حماية
الله.. أو نيابة عن السماء.. هو عمل لا معنى له إلا أن القاتل يعرف أنه يرتكب
كبيرة!! ويقترف إثماً عظيماً!! يتطلب كذبة كبرى.. ليسكت صوت الحق!! ولكن أنى لأي
كائن أن يطفئ {نور الله بأفواههم} (التوبة 32). فالكذب كذب.!! وبالطبع أسوأ الكذب
هو الكذب بدون أي مصلحة.. فالأذى بدون أية مصلحة.. إلاَّ مصلحة التسلية.. هو
الجريمة الموصوفة!! بل والمضاعفة.. وبهذا المعنى.. فإن الحيوية الإسلامية، وأية
حيوية خاصة بفرد أو جماعة، يجب أن يكون ديدنها السؤال عن المصلحة واختيار الأكثر
فاعلية والأكثر شمولاً. ولعل الفقيه "الأوزاعي" بدفاعه عن المصالح المرسلة من أوضح
من أشار إلى أهمية البحث عن المصالح الموجهة. إذ أن وجود بعض الأعمال النافعة كبيع
الطعام في منطقة يوجد فيها عمل ضار كالبغاء.. فإذا كان اللذين يمارسون البغاء
يعتمدون ذلك المطعم أو السوق، فإن على الوالي، قبل إزالة البغاء، أن يعوض المصالح
المرسلة لمن يعيشون على بيع الطعام.
ولهذا، فإن الحيوية الإسلامية ليست شعراً، وليست أحلاماً، وليست طقوساً، وليست
غيباً، بل هي مصالح في الحياة {من عمل صالحاً من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه
حياة طيبة} (النحل 97).. ولكن إذا كانت الطقوس يمكن أن تؤدي إلى استحضار مشاعر
الخشوع والطهارة في مؤديها فهي حيوية.. وإذا كانت الغيبيات تؤدي إلى تقديس الحياة،
والسلام، وتحريم الأذى والقتل، فإن أداء ومشاركة الناس في مثل هذه الطقوس والغيبيات
لا بد أن تجعلهم يسمون في مشاعرهم إلى مستويات أكثر قدسية، يحتاج عامة الناس عيشها،
لتزيد ثقتهم وقدرتهم على الحياة. نعم، إن مثل تلك الأشعار والأحلام والطقوس
والغيبيات أمر حيوي، لأنه يقدم مصالح توحيدية، وتساعد في رفع المنسوب الحيوي
لمؤديها، وتزيد في زرق الناس، وسعادتهم وحيويتهم، ولو نظرنا إليها بوصفها مجرد
مشاركة وجدانية وغناء احتفالي للأمة التي ننتمي إليها فإننا يمكن أن ندرك مدى
حيويتها ومبرراتها لتأكيد قيم الحياة..
ولا بأس- هنا- من التوقف عند هذه الإشارة: جملة ( صلى الله عليه وسلم ) والتي وردت
في بداية هذه الفقرة، والتي لن نجد لها تكراراً في أي موضع آخر، في الكتاب..
وغيابها يعود لأسباب عديدة، الأول: هو أن فقه المصالح لا يتوجه إلى المسلمين دون
غيرهم!! بل ولا يتجه أيضاً إلى المتدينين دون غيرهم؟!.
ونحن هنا، لا نضعها بوصفها إشارة طقوسية، نزين بها الكتاب، نطالب التسليم بها
جدلاً، بل هي إشارة حيوية، إلى البعد الحيوي المتضمن، في كثير من تحويات الطقوس
والغيبيات.
فهذه الصيغ، تجد ما يماثلها في جميع المجتمعات والمذاهب، حتى غير المتدين منها،
وذلك لما فيها من حدسٍ متفائل، لرموزها المتجذرة في التراث الخاص بكل جماعة..
والتحويات الطقوسية، عامة، تتضمن احتفالية غنائية تطهيرية، تقوم بما يمكن تشبيهه،
بوصلة رادارية (الأنتين) أو (الهوائي)، الذي ننصبه في أعلى العمارات، لاستقبال
محطات الإرسال البعيدة، للتواصل الأفضل معها، وكلما بعدت المسافة وكثرت الحواجز،
فإن علينا البحث عن صيغ رادارية أفضل.. ولذلك، نلجأ الآن، إلى وضع أقمار صناعية حول
الأرض لتسهيل التواصل، وأداء المصالح بحيوية.. رغم المسافات.
وتحويات الطقوس هي أشبه ما تكون إلى التحويات الرادادية، حيث يصاحبها تحويات جسدية
حسية (انثناء، انطواء، ركوع، سجود، رفع الرأس واليدين إلى أعلى، استلهاماً
وابتهالاً، خفض الرأس، تواضعاً وخشوعاً، ربط الأيدي على الصدر، وضع اليد اليمنى على
القلب، ربط الأيدي ببعضها، ضم الرأس بين الكفين، وضع اليد على الجبين، الانكفاء في
زاوية، الصمت، وعدم مكالمة الناس، الصوم عن الطعام جزئياً أو كلياً، ترديد وتهجد
أسماء مقدسة بتكرارية طنينية.. الخ).
وهذ التحويات الطقوسية، تمارس، على نحو أكثر احتفالية، وقدسية، في المواسم
الجماعية، وفي أماكن العبادة المجهزة فنياً (لتضخيم الصوت، ونشر الأبخرة، والمآذن
المعمارية السامقة.. الخ). وما إلى ذلك، من تحويات تسهل الشعور، بالخشوع والجلال،
والقدسية، وفي بعض الأحيان الانبهار!!.
علماء النفس، يعرفون الأهمية الكبرى لهذه التحويات الطقوية الحسية، لما لها من قدرة
على تطهير النفوس، وتخليصها من العقد الطارئة، وتجديد الانطلاق إلى الحياة. لذلك،
فإن المجتمعات، والأديان، والمذاهب جميعاً، تخصص أوقاتاً في اليوم والأسبوع والسنة،
لتكون ميقاتاً للتحوي الطقوسي!! لما فيها من إعادة الصياغة للإلفة والصداقة والفرح
بين الناس.
كل هذه التحويات الطقوسية والغيبية، يمكن تفسيرها- بسهولة- من خلال فقه المصالح
الحيوية، بما فيها، تلك، التي تتقلب إلى أعمال شغب، وهدم باسم الدين، والطقوس؟! لأن
مثل تلك الأعمال السلبية، هي - أيضاً- تعبير عن مصالح؟! ولكن المصالح الحيوية
التوحيدية ليست كذلك!! وتربأ، بنفسها، عن مثل هذه التحويات، إلا في حالة الدفاع عن
النفس.
مرة أخرى، فإن فقه المصالح الحيوية، يقوم على أساس، أن مفهوم (الله) يدل على الخير،
ويحرض عليه، وليس شراً، فالله محبة وليس كرهاً، الله كرماً، وليس بخلاً، الله رحمة
وليس رعباً، ولا يصدر عن الخير إلا الخير {ما أصابك من حسنة فمن الله وما أصابك من
سيئة فمن نفسك} (النساء 79) ولا يصدر عن الحي القيوم، إلا الحياة والحيوية.. أما ما
أصابنا، من شرور، وآلام، وإحباطات، فهو من قصورنا.. والقصور مرتبط بكوننا كائنات
محدودة!! ومحدوديتنا هي مصدر دائم للقصور!! علينا أن نقاومه، بتشديد التواصل مع
الفيض الإبداعي الخلاق للكائنات، والذي نختلف على تسميته، بين دين وآخر، وبين لغة
وأخرى، بل ونختلف على تسميته، بحسب كوننا مؤمنين بالغيب، أو غير مؤمنين، ولكننا -
وفي كل الحالات- نتفق جميعاً على مداليله. فحتى كلمة (الطبيعة) تأخذ صفات خالقة
مطلقة عند غير المتدينين.
على هذ الأساس، يجب فهم المعنى الحيوي لتحويات الطقوس والغيبيات، فالصلاة والزكاة
والصوم.. الخ، إنما هي وسائل بشرية، لشحذ الهمم، وتمتين التواصل مع الفيض الإلهي،
ولاستيحاء قيم التوحد وسبله.
فالصلاة، في فقه المصالح الحيوية، على سبي المثال، ليست مطلوبة من أجل أن نقدم
منفعة يحتاجها الله منا.. أو نقدم مصلحة تتوقف ألوهيته على إعطائنا له إياها..
بل الصلاة من اجل منفعة المصلى نفسه، فالله- وكما ذكرنا سابقاً- ليس بحاجة لنا، بل
نحن بحاجة له، والنبي ليس بحاجة لنا، بل نحن بحاجة إليه والى خبرته التوحيدية!!
وعندما نقول (ص) فهذا لا يعني أن النبي، بحاجة إلى شفاعتنا، وصلاتنا لكي يرضى الله
عنه، بل إن تعبير (ص) يعني التواصل بمصدر الخلق، ولإحياء نموذج النبوة في أنفسنا
وأعمالنا، ولنطمئن أنفسنا إلى رحمة الله وإحلال سلامه فينا، وفي علاقاتنا.. ولذلك
عندما نقرأ { إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه
وسلموا تسليماً} (الأحزاب 56)، علينا أن نفسرها بأن الله عندما يصلى على النبي،
ويدعونا للصلاة عليه.. فإنما يدعونا لما "يحيينا" { يا أيها الذين آمنوا استجيبوا
لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم} (الأنفال 24)، ذلك للاستفادة من حيوية النموذج
النبوي، لإيضاح حيوته، وليحرضنا على الانتفاع به.
وقد يسأل سائل، ولكن إذا كان الإنسان قادراً على الاتصال، مع ربه مباشرة بوصفه فيضا
عنه، وخلقاً منه.. فلماذا نحتاج إلى نمذجة النبوة والقديسين، لتكون واسطة؟! أو
أحجبة بيننا، وبين الفيض الإلهي؟.
للإجابة، عن هذا لسؤال، فإننا لا نريد التطرق إلى الأمور الغيبية، بل إلى الدلالات
المنطقية البسيطة، والملزمة لبداهتها.. التي تمكننا من فهم التواصل الرحماني للكلية
المطلقة، للذات الخالقة الإلهية، مع أي من مخلوقاتها الجزئية المحدودة، وهذا
التواصل بين الكل والجزئيات لا يمكن- منطقياً- أن يتم بنفس المستوى وبنفس الكيفية،
وذلك لاختلاف التحويات المنطقية بين الجزء والكل.
والاختلاف في صيغ التواصل قائم بسبب اختلاف منطق الكل ومنطق الجزء، إذ، حتى لو أن
جميع الأجزاء دفعة واحدة، أرادت التواصل مع الكل فإن منطقها يبقى مختلفاً عن منطق
الكل، فالاختلاف، هنا، يعود إلى أن مجاميع الخليقة هي لحظات في صيرورة المصدر
الخالق بوصفه قدرة على الخلق اللانهائي. ومن هنا، فإننا، وعلى الرغم من معرفتنا
بالجوانب الحيوية في مذاهب وحدة الوجود، حيث تقول إن الخالق (هو) موجوداً في
الخليقة (هي) وبالتالي (هو) = (هي) !! وهي = هو!! أما نحن فإذا أقررنا أنه (هو) =
(هي)، فإننا لا نقر أنها (هي) = (هو)، لأن (هي) ليست (هو)، ولأنها (هي) أي الجزئيات
المخلوقة مجرد لحظات محدودة في مقابل الكلية المصدرية الخالقة، ومن المعروف
منطقياً، والمسلم به عامة أن الكلية أكبر من مجموع أجزائها (ومجموع الجزئيات
المخلوقة لا تعادل الذات الكلية الخالقة، لأن الجزئيات، هي جزئيات محدودة، بينما
الكلية الخالقة هي لا نهائية بالتعريف. ومن هنا يمكننا أن نفهم ضرورة وجود (وحي)
نتعرف به طريق الخير، وضرورة وجود (حجاب) نبوي يساعدنا في إيجاد طريق الخير { وما
كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحياً أو من وراء الحجاب أو يرسل رسولاً فيوحي بإذنه ما
يشاء إنه علي حكيم} (الشورى 51). والحجاب، هنا، أو الوحي، أو النبوة، هي صيغ شفافة
(بللورات) لاستشفاف الخير وتحوياته. ولو أننا، تمعنا في الآيات، التي وردت فيها
كلمة الوحي، لرأينا أن وحي الله، لا يقتصر على البشر، بل يمتد إلى سائر الخلق..
فالله يوحي للنمل، أيضاً، بحيث يمكن أن نفسر تحويات تلك الكائنات جميعاً، بما فيها
من أكل ونوم وإنتاج للخيرات، بوصفها تنفيذاً لوحي الله، وتسبيحاً له { وأوحى ربك
إلى النحل أن اتخذي من الجبال بيوتاً ومن الشجر ومما يعرشون* ثم كلي من كل الثمرات
فاسلكي سبل ربك ذللاً يخرج من بطونها شراب مختلف ألوانه فيه شفاء للناس إن في ذلك
لآية لقوم يتفكرون} (النحل 68-69).
وهكذا، فإن فقه المصالح الحيوية، يفسر التحويات الطقوسية والغيبية، التي يحتاجها
ويمارسها عامة الناس، في مختلف المذاهب والأديان، والأزمان بوصفها استشفافاً،
مطمئناً، مقوياً.. الخ، للاتساق مع إرادة الحياة.. الحرية.
والصلاة، بهذا المعنى، ليست وحيدة الاتجاه!! بل هي تواصل حيوي رحماني متعدد
الاتجاهات: بين الخلق وخالقهم للاسترحام، وبين الخالق والخلق ليرحمهم، وبين الناس
بعضهم بعضاً.. ليتراحموا، ويزكوا وحدتهم، ويتواصلوا مع رحمهم المشترك، بوصفهم من
أبٍ واحد، وأمٍ واحدة، وهم جميعاً (عيال الله)، وكما أشار زكي الأرسوزي في كتابه
"عبقرية الأمة العربية في لسانها" أن (الرحمن": لفظة مشتقة من الرحم). ولذلك،
يمكننا أن نجد آيات توضح أن الله- هو أيضاً- بدوره يقوم بالصلاة، ليس على أنبيائه
فقط!، بل أيضاً على سائر خلقه الحيويين، الصادقين، الميامين، الصابرين على المكاره،
والمقاومين للقنوط واليأس {ولنبلوكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس
والثمرات وبشر الصابرين* الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون*
أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون} (البقرة 155-157). وهكذا، نرى
أن الله، نفسه، يصلي على الصابرين على المكاره، غير القانطين!! يدعم صمودهم الحيوي،
لإيجاد السبل الأكثر حيوية، لتحقيق الخير والفرح.. ولذلك - أيضاً- يمكننا القول، بل
وتكرير القول، وبكل الوسائل الجميلة والسلمية.. (صوت مؤذن رخيم، طنين ناقوس حنون..
الخ). يمكننا، بل ويتوجب علينا، بالاستناد، إلى فقه المصالح الحيوية، أن نعلن بكل
وضوح ومحبة: حي على الصلاة، حي على الفلاح، حي على خير العمل، حي على الحياة!!
وهذا، هو المعنى، لتحويات الطقوس، في فقه المصالح.. عند عامة الناس، في مختلف
الأزمان والأديان، بل إن الصلاة، في فقه المصالح، ليست خاصة بالبشر، فلكل صلاته
{ألم تر أن الله يسبح له من في السموات والأرض والطير صافات كل قد علم صلاته
وتسبيحه والله عليم بما يفعلون} (النور 41). والجزاء الذي تنتظره الكائنات، هو
الخير والحياة، في تحوياتها (تسبيحها، صلاتها، نبضها..؟).
وكما قالت رابعة العدوية، فإن صلاتها هي في محبة الله، في محبة الخير، محبة الحياة،
(ليس خوفاً من عقاب وليس طمعاً في ثواب)، فمحبة الله تعني، ضمناً، محبة الخير
للنفس، والآخرين، لأن الله، هو تواصل خلاق بلا حدود، وتحويات الطقوس الحيوية، تجعل
عامة الناس، أقدر على رؤية الخير وآياته، في أنفسهم، وفيما حولهم {سنريهم آياتنا في
الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق..} (فصلت 53). هذا الحق، هو الذي علينا
استلهامه، في أنفسنا، وفي الآفاق، لتشييد فقه المصالح الحيوية، لتحقيق إرادة
الحياة.. الحرية.
وإذا كانت بعض الطقوس والغيبيات لا تدعم قيم الحياة.. فهي "سقط المتاع"!
فقه المصالح الحيوية يجعلنا نقرأ الكون والحياة لنتمتع ونفرح.. وليس لنغتنم ونحزن
ونموت قبل الموت.. فالله جميل يحب الجمال.. عادل يحب العدل.. غني يحب الغنى.. الله
ليس فقيراً وليس ظالماً، ليس موتاً.. بل حياة وديمومة وعطاء.. وهذا هو المصدر
الملهم لفقه المصالح.. فقه الأمل.. فقه الرحمة. ولذلك فإن البشر بحاجة إلى مفهوم
الله.. والإيمان اليقيني المطلق بالحي القيوم بوصفه الخير الدائم والأشمل. ومن
المصلحة أن {لا تقنطوا من رحمة الله} (الزمر 53)، { ألم تكن أرض الله واسعة
فتهاجروا} (النساء 97).
وإذا كنت- أنت- الوحيد الذي تقرأ التراث والعصر بمنطق الحياة، بمنطق مصالح التوحيد،
بمنطق ضرورة تحطيم الأصنام الذي { لا يسمن ولا يغني من جوع} (الغاشية 7). وقالوا لك
لماذا تخالفنا؟! قل لهم أروني: "كيف تفهمون معنى الإنسان على الأرض.. إذا لم يكن
مستخلفاً عن الله في الأرض {إني جاعل في الأرض خليفة} (البقرة 30)، إذا كان الإنسان
هو خليفة الله على الأرض، فلماذا لا تكون حياته مقدسة، ورزقه مقدساً.. وفرحه
مقدساً؟!. وإذا قالوا: لا بل عليه الدوران حول القبور والانشغال بتوافه الأمور.. قل
لهم: يا.. يرحمنا الله، يوم تبتعثون أنفسكم وأولادكم لطلب الطعام فلا تجدونه!؟ وإلى
الزواج فلا تستطيعونه!! إلى العلم فلا تحسنونه!! والى الصحة فتمرضون!! ألا.. فسلام
عليكم إن كنتم ستستمرون في الحياة، ستخلفون حياة وراءكم.. أو.. وإلى اللقاء يوم
تبعثون!! وإذا تذكرتم {وإذا الموءودة سئلت* بأي ذنب قتلت} (التكوير 8-9). اسألوا
لماذا نهدر مصالحنا.. في الحياة.. ألا حي على الفلاح.. ألا حي على خير العمل..
فالله أكبر .. قيم الحياة أكبر.. وفقه الحياة أكبر.
وإذا قيل أن هناك حدوداً يجب عدم تجاوزها.. فإننا نقول نعم.. إنها حدود الحياة،
فهذه هي حدود الله.. وإذا قبلنا تفسير صيغة التزاوج بين ذرية آدم وحواء.. من خلال
زواج الأخوة.. من خلال تبادل الثنائي التوئمي. فإننا نعرف أن معيار الأخلاق هو
مصلحة الحياة.. وإذا عرفنا أن إبراهيم أبو الأنبياء "عند اليهود والمسيحيين
والمسلمين" عندما سئل عن صلته بزوجه الشابة الجميلة!! "سارة" قال إنها أخته!!؟ لكي
لا يقتل وتؤخذ منه. فإننا نعرف أن الإبراهيمية تعني أن الحياة هي الأكثر قداسة..
وإذا!!؟ وإذا !!؟ وإذا عرفنا أن الإسلام تراث يسر لا عسر.. وأنه تراث الضرورات تبيح
المحظورات، فإن المحظور الوحيد هو اليأس، هو الفقر، هو القنوط.. هو الأذى. وأكبر
أشكال الأذى هو العجز عن قراءة منطق العصر المعيش، والعجز عن قراءة فقه المصالح
الحيوية في التراث والعصر، سواء أكان إسلامياً أم غير إسلامي.. سواء أكان دينياً أم
غير ديني.. لأن كل ما ينفع عامة الناس ويزيد حيويتهم فهو حيوي!!
الإسلام هو تراث يَعِدٌ المتمتع بزوجه أجراً.. ويَعِدُ ملقي التحية أجراً.. والأجر
يعني الحسنة..
ترى ألا يحسن بنا أن ندفع فقه المصالح بفقه التهلكة ليمحوه!! فقه الضرر والإضرار..
لنتجاوزه؟!
الحيوية الإسلامية:
يحلو لبعضهم أن يفسر كلمة الإسلام بالاستسلام بمعنى الخضوع والعبودية أما نحن
فنفسرها بالسلام بمعنى الطمأنينة.
والطمأنينة الإيمانية أو اليقينية- بهذا المعنى- ليست عملاً إرادياً وبالتالي فإن
من لا يؤمن بالإسلام فهو ليس بكافر لأن الكفر في اللغة هو النفاق ويعني إنكار ما
يعلمه المرء أنه حق.. وبهذا المعنى فإنه وكان يلاحظ حسن حنفي بذكاء، في كتابه "من
العقيدة إلى الثورة" أن من لا يعرف الإسلام ومن لا يشعر بطمأنينة إلى معرفته
الإسلامية.. فهو ليس بكافر. وقد سبق لمحمود شلتوت أن ذكر في فتاويه أن من عاش في
بلد ما كالسويد مثلاً ومات ولم يسمع عن الإسلام فهو ليس بكافر.. وأساساً لا يجوز
لبشري أن يحكم بالإيمان والكفر على أحد.
والحيوية الإسلامية بهذا المعنى ليست نمطاً ايماناً بالضرورة أو شيئاً مخبوءاً في
النوايا بل هي
نمط عملي يظهر في السلوك اليومي بوصفه فعلاً مجدداً لمتطلبات وجوده، وبما أن
متطلبات الوجود البشري تتضمن بداهة وحدة الخليقة وبالتالي وحدة الخالق فإن بداهة
وحدة مصالح الخليقة في الحياة والحرية هي النمط الحيوي الفعّال المتجدد للسلوك
البشري.
وبهذا المعنى، فإن الحيوية الإسلامية ليست وصفاً للطقوس الدينية، ولا تتطلب أية
مرجعية غيبية، بل تتطلب الدلالات المنطقية الملزمة، لتكون نقدية قياسية وتجريبية.
وبهذه الصفة، فإن الحيوية الإسلامية ليست مذهباً جديداً، وليست موضوعاً للإيمان، بل
هي للمشاركة والممارسة العملية لأصالة التراث الحضاري الإسلامي، بوصفه مماثلاً في
أهدافه لكل التراث الحيوي الموجود في الأديان والحضارات الأخرى، الموجود عند غير
المسلمين وغير المتدينين والمتدينين على السواء، يجمعهم في ذلك السعي المتجدد
والفعّال لتحييد الأصنام الطائفية والعنصرية والسحرية.. ويجمعهم الآن تحويهم
المشترك للاتساق مع منطق العولمة التقني، الذي دشنته أسلحة التدمير الشامل، وعصر
الفضاء والاتصالات الإلكترونية. والذي يقرع- الآن- بقوة، أبواب العولمة الحيوية
التوحيدية .
العولمه
هي الأفكار والأعمال
التي تأخذ بالحسبان إمكانات وضرورة الامتداد العالمي. وهي بهذا المعنى، ليست
جديدة.. فكل الأفكار والأعمال الإنسانية الكبرى تتضمن حدوساً بمصالح عالمية..
ومن ذلك، على سبيل
المثال، فإذا قال أحدهم بوجود ديمقراطية عربية، إسلام عربي، أو اشتراكية عربية..
الخ، فإن ثمة ردود كثيرة تأتي لترد عليه، بأن الإسلام أو الاشتراكية فوق القوميات
أو التعينات وتفضل استعمال الطريق العربي للإسلام أو الاشتراكية.. الخ.
وبهذا المعنى- أيضاً-
ثمة من يعترض على تعبير الحيوية الإسلامية، ويقترح استعمال الطريق الحيوي إلى
الإسلام.. أو المنهج الحيوي في الإسلام.
هذه الاعتراضات تتضمن
حدوس العولمة.. بوصف الحق والحياة والحرية قضايا عالمية.
ومع ذلك، فإن تعبير
العولمة.. غير مريح لكثير من القطاعات، ويبدو وكأنه جديد عليها..وبخاصة الفئات التي
كانت تريد حدوداً إعلامية، قومية، دينية، لغوية، سياسية، عسكرية، أو اقتصادية.
والسبب لا يعود- فقط- إلى أن هذه الحدود أخذت تنهار بسرعة، جارفة معها صيغ
الاستقطاب إلى معسكرات شرقية وغربية.. بل أيضاً لكون أية حدود معاندة أصبحت مصيدة
مفيدة لقوى الهيمنة العالمية.
وبما أن قدرة العولمة
ترتبط عملياً بالقدرات التقنية الفضائية والمعلوماتية. وبما أن هذه القدرات مازالت
متركزة في عواصم الغرب الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية، فإن توجساً بل وذعراً
كبيراً أخذ يشل كثيراً من الأوساط المعادية، أو المستعداة من الغرب لشعورها بأنه لم
يعد لديها مجال للاختيار، أو اللعب على المتناقضات الدولية.. وأنها إذا قالت نعم أو
قالت لا، فهي في كلا الحالين، لم تعد قادرة على الاحتفاظ بالاستقلال، وأن حدودها
مهما بعدت فلم تعد حدوداً غير قابلة للاختراق، ولشعورها أن إرسال صاروخ إلى بغداد
أو صربياً أو السودان.. الخ. لا يكلف أكثر من إرسال رسالة في الانترنت.. وبهذا
المعنى فإن العولمة تبدو تعبيراً للهيمنة الغربية الشاملة.
أما بالنسبة لنا،
فإنه يعد تعبيراً عن التحدي المطروح على جميع الحركات الحيوية صاحبة المصلحة في
حقوق الإنسان والسلام والحرية من أجل التحدث بلغة العصر وتقنياته، وتستجيب
لمتطلباته، في إزالة كل صور الاستعمار والهيمنة، وباتجاه تعميق التنوع في إطار
الوحدة الإنسانية.
مصطلحات
http://www.damascusschool.com/page/2_1.htm
تقنيات
http://www.damascusschool.com/page/2_2.htm
مفاهيم
http://www.damascusschool.com/page/2_3.htm
مفردات
http://www.damascusschool.com/page/2_4.htm
|